هاجمت مليشيا الحوثي –الذراع الإيرانية في اليمن- مخرجات اللقاء التشاوري الجنوبي، الذي دعا إليه المجلس الانتقالي، ووصفتها بأنها “خطوة تصعيدية وانقلاب كامل على كيان الجمهورية اليمنية”، بالتزامن مع انهماك الجماعة –في صنعاء وصعدة- في ممارسة الانفصال بشكل عملي وواقعي وفي مختلف الجوانب الاقتصادية والإدارية والاجتماعية والثقافية.
وزعم القيادي في المليشيا الحوثية، عبدالملك العجري، أن “تلك الخطوة التصعيدية لا يمكن أن تتم من دون ضوء أخضر من دول التحالف بقيادة السعودية”.
وأضاف العجري وهو عضو وفد الحوثيين المفاوض إن “الترتيب لعودة قيادات الانتقالي بهدف التحضير لهذه الخطوة التصعيدية في سياق الأجواء التفاوضية القائمة لا تعكس نوايا طيبة تجاه التفاهمات القائمة وتجاه اليمن ووحدته”، وفق زعمه.
وعكست تصريحات القيادي الحوثي، زيف ادعاءات الجماعة، ففي حين تحشد ضد الجنوب باسم “الوحدة”، فإنها في ذات الوقت تكرِّس الانفصال من صنعاء، وتبني إقطاعية طائفية على أنقاض دولة الجمهورية اليمنية.
ومن وقت مبكر فرضت مليشيا الحوثي عديد إجراءات تكرس فصل شمال اليمن عن جنوبه، من بينها حظر تداول الأوراق النقدية الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن، وفرض منهج مدرسي “مذهبي” في مناطق سيطرتها، في سياق سعي المليشيات لرسم ملامح كيان طائفي في الشمال.
وسبق واستحدثت المليشيا مكاتب للجوازات في المنافذ البرية الرابطة بين المناطق المحررة في الجنوب ومناطق سيطرة الجماعة شمالا.
كما أصدرت تعميما إلى شركات النقل الجماعي المحلية والدولية وشركات تأجير السيارات، يلزمها إعداد قوائم بالمسافرين ذهابا أو عودة مع وثائق سفرهم وتسليمها إلى مكتبين استحدثتهما المليشيا في المنفذين الوحيدين اللذين يربطان الشمال مع الجنوب، في منطقة عفار في محافظة البيضاء، ومنطقة الراهدة في محافظة تعز، قبل السماح لهم بدخول مناطق سيطرتها أو مغادرتها.
يذكر أن المليشيا الحوثية استبقت هذه الإجراءات، بتقسيم العملة الوطنية بين طبعة قديمة سمحت بتداولها وطبعة جديدة منعت التعامل بها وأوجدت سعرين مختلفين لهذه العملة مقارنة بالعملات الأجنبية.
وقبل ذلك أغلقت الطرق الأساسية التي تربط محافظات البلاد الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية والمناطق الخاضعة للجماعة، ومن ثم استحداث منافذ جمركية في مناطق التماس، تقوم من خلالها بفرض رسوم جمركية أخرى غير تلك التي يدفعها المستوردون في موانئ الوصول بمحافظات الجنوب بما فيها المساعدات الغذائية والأدوية مع أنها معفية من أي رسوم ضريبية.
كما يفرض الحوثيون إتاوات مالية ضخمة على المنتجات الزراعية في مناطق شمال اليمن، الذاهبة للجنوب، ناهيك عن عدم اعترافهم بالوثائق الرسمية الصادرة من الجامعات الحكومية في مناطق الجنوب.
وكان اللقاء التشاوري الجنوبي قد أقر ميثاقا، تضمن أسس المرحلة المقبلة، بما فيها التوافق على بناء دولة الجنوب، وإتمام السيطرة العسكرية وترتيب أوضاع أي تشكيلات عسكرية جنوبية غير منضوية في إطار هذه القوات.
وجاءت الخطوة بعدما نجح “الانتقالي” في فرض نفسه رقما صعبا في المعادلة اليمنية، بينما يشير نجاح المؤتمر الذي استقطب معظم مكونات الجنوب إلى وضع الجنوبيين لبنة أولى على طريق استعادة دولتهم.
وهدف المؤتمر إلى “الوصول إلى توافق سياسي ورؤية موحدة داعمة لصناعة ملامح دولة الجنوب وإدارة المرحلة القادمة”، وفقا للمجلس الانتقالي الجنوبي.
كما تم التوافق على “الاتجاهات الرئيسية لإدارة المرحلة الراهنة والاتجاهات العامة الأساسية لمشروع دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة وأسس ومبادئ وضوابط التفاوض والأسس والمبادئ العامة”، وفق المشاركين.
وتعرض المجلس الانتقالي الجنوبي خلال السنوات الماضية إلى محاولات عديدة لضربه وتحجيمه، خاصة على يد تنظيم الإخوان ومليشيا الحوثيين الذين سعوا للتمدد جنوبا لكنهم اصطدموا بصلابة المقاومة الجنوبية.