يواجه أكثر من 40 ألف حالة مصابة بمرض “الانيميا” أو كما يعرف أيضاً بـ”الثلاسيميا” خطر الوفاة جراء استمرار العبث والاستنزاف الذي تنتهجه مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، عبر سيطرتها على وزارة الصحة وتجارة الأدوية.
وأطلقت مصادر صحية في صنعاء نداءات عاجلة من أجل التدخل لإنقاذ مرضى الانيميا الذين يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية والأدوية اللازمة لإبقائهم على قيد الحياة.
وتأتي هذه التحذيرات متزامنة مع احتفال اليمن مع سائر بلدان العالم باليوم العالمي للأنيميا الذي يصادف الـ19 من كل عام. ويأتي احتفال هذا العام في ظل تفاقم المعاناة الشديدة التي يواجهها المرضى خاصة في أوساط الأطفال الذين لا يجدون أية رعاية أو أدوية أساسية تساعدهم على مواجهة هذا المرض الخطير.
وتعد أمراض الثلاسيميا من الأمراض التي تنتشر بصمت، كونها أمراضا وراثية مزمنة تنتقل من الآباء إلى الأبناء عن طريق المورثات. ومن أعراضه وجود فقر دم مستمر من بعد الولادة بعدة أشهر وحتى نهاية العمر. ويحتاج المريض لنقل الدم بشكل مستمر للبقاء على قيد الحياة إلى جانب عقاقير طبية معينة.
ويتسبب المرض بأعراض خطيرة منها تضخم الطحال والكبد، وهشاشة وتشوهات في العظام والوجه مع بروز الأسنان الأمامية، وتغيرات في الهرمونات وضعف النمو غالباً، وارتفاع نسبة الحديد باستمرار نتيجة نقل الدم المتكرر والانحلال المستمر للخلايا قصيرة العمر. وتؤدي هذه الأعراض إلى مضاعفات وتلف في أعضاء الجسم وفشل الوظائف سيما القلب والطحال والكبد والكلى والبنكرياس.
إحصاءات مرتفعة
وقالت مصادر صحية في صنعاء إن سياسة التدمير الممنهجة التي تمارسها الميليشيات الحوثية المسيطرة على القطاع الصحي أدت إلى تداعيات وآثار مدمرة على المصابين بالكثير من الأمراض الخطيرة من بينهم مرضى “الانيميا”، موضحة أن تضييق الخناق على وكلاء شركات الأدوية من فرض إتاوات ومنع دخول أصناف واقتصار استيراد الأدوية على بعض الشركات الموالية للحوثيين سبب أضرارا كبيرة ونتائج كارثية على المرضى ووصول الأدوية لهم.
وذكرت تقارير صحية أنه تم تسجيل 463 حالة وفاة نتيجة انعدام الأدوية حتى أكتوبر 2022. في حين لا يزال عدد الحالات المصابة في تزايد، حيث تم تسجيل نحو 700 حالة جديدة في العام 2022.
وأشارت إلى أن الإحصائيات المنشورة هي أرقام غير دقيقة لعدد المرضى على مستوى اليمن، إلا أنه تم توثيق هذا العدد عبر فرق رصد تابعة للجمعية اليمنية للثلاسيميا.
تلاعب بسوق الدواء
وأكدت المصادر الصحية أن هناك تلاعبا كبيرا في سوق الدواء الذي أصبح يدار من قبل قيادات حوثية بارزة عبر شركات تم تأسيسها خلال السنوات الماضية من أجل الإشراف على خلق سوق رديفة للسوق الرسمية وبهدف السيطرة على هذه التجارة التي تدر ملايين الدولارات.
ويشير أقارب عدد من المرضى أنهم يجدون صعوبة في شراء الأدوية التي أصبحت باهظة التكلفة بسبب الحرب الحوثية العبثية، مؤكدين أن هناك شركات دوائية متخصصة باستيراد العلاجات المزمنة توقفت بسبب تضييق الحوثيين والإتاوات التي يفرضونها عليها. في حين أصبحت الأدوية المتوفرة رديئة الصنع وبعضها قادم من إيران.
وبحسب منشورات صادرة عن الجمعية اليمنية للثلاسيميا في اليمن، دعت إلى لفت نظر المجتمع إلى دعم المرضى وتكثيف التوعية الصحية للوقاية من هذه الأمراض الوراثية المزمنة. وفي مقدمتها إجراء فحص ما قبل الزواج لحماية الأجيال من خطر الإصابة بهذا المرض.
ووصف أطباء متخصصون في علاج مرضى الانيميا أن الوضع مأساوي نتيجة احتياجاتهم للأدوية والدم، وتزايد أعداد الحالات المصابة بالمرض، الذي يقابله منع دخول الأودية الهامة والضرورية بسبب سياسة استيراد الدواء المقرة من قبل القيادات الموالية للحوثيين في صنعاء.
وأشار الأطباء إلى أن المنظمات الأممية كانت توفر كمية من الأدوية الضرورية المطلوبة لعلاج مرضى الأمراض المزمنة وكذا أدوية وفحوصات الدم لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي. ولكن تم فرض إعاقات كبيرة من قبل الهيئة العليا للأدوية ووزارة الصحة اليمنية بصنعاء لإدخال تلك الأدوية التي فاقمت من المعاناة.
وكشفت المصادر الصحية في صنعاء أن هناك عمليات نهب منظمة تمارسها قيادات حوثية في الهيئة العليا للأدوية وكذا وزارة الصحة للأدوية المقدمة كمساعدات خارجية لأصحاب الأمراض المزمنة، حيث يتم التلاعب بالكمية الواصلة وتسليم المستشفيات والمراكز الصحية كميات بسيطة جدا في حين يتم نقل باقي الكمية للسوق وبيعها بأسعار باهظة.
تبريرات مفضوحة
قابلت الميليشيات الحوثية المسيطرة على وزارة الصحة في صنعاء، هذه التحذيرات والمعلومات بنشر مغالطات مفضوحة بشأن التدهور المستمر للوضع الصحي وحالة المرضى المصابين بأمراض مزمنة بينها مرض “الانيميا”.
ونشرت وزارة الصحة الحوثية ادعاءات مفضوحة حول الأسباب التي تقف وراء تدهور الأوضاع الصحية في مناطق سيطرتهم. وكعادتها ركزت الشماعات على “حصار العدوان” و”إغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة”، وغيرها من التبريرات التي باتت اليوم مفضوحة للعالم.
وتواصل الميليشيات استهلاكها للتبريرات من أجل التغطية على أعمالها الفاسدة وتورطها في تدمير القطاع الصحي. حيث رفضت الميليشيات الحوثية استقدام أجهزة الترحيل الكهربائي “Hb Electrophoresis” ومحاليل إجراء الفحوصات الطبية المبكرة “فحص ما قبل الزواج”، بالرغم من الأموال الباهظة التي تنهبها من إيرادات القطاع الصحي ومن المساعدات والمنح المقدمة من منظمات أممية ودولية لصالح إنعاش القطاع الطبي في المناطق غير المحررة.
واستغربت مصادر في الجمعية اليمنية للثلاسيميا في اليمن من التبريرات المقدمة من وزارة الصحة الحوثية حول أسباب تفاقم الوضع الصحي لمرضى “الانيميا”، مشيرة إلى أن مطار صنعاء وميناء الحديدة أصبح مفتوحاً بشكل غير مسبوق منذ اندلاع الحرب.
وقالت المصادر: بدل الترويج لشماعة الحصار كان المفرض من الميليشيات الحوثية المسيطرة على وزارة الصحة التحرك لإنقاذ حياة مرضى الثلاسيميا والدم الوراثي وضمان استمرار توفير الأدوية الأساسية والداعمة والمساعدة للمرضى وخصوصا الأدوية الساحبة للحديد وعلاج الهيدروكسي يوريا. وكذا أيضا دعم جهود تعزيز خدمات نقل الدم الآمن للمرضى، نظراً لأن تكاليف الأدوية عالية على أسر المرضى، وكذا دعم جهود الوقاية ومكافحة أمراض الثلاسيميا والدم الوراثي من خلال توفير الأجهزة والمحاليل الطبية اللازمة للتقليل من عدد الإصابات بالمرض.