على ما يبدو فإن أوضاع المواطنين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، باتت على رأس أولويات واهتمام مجلس القيادة الرئاسي، حتى وإن كان ذلك على حساب المواطنين في المحافظات الجنوبية المحررة.
وشهدت العاصمة عدن والمحافظات المحررة، خلال الأيام الماضية، تدهوراً كبيراً في العملة المحلية، حيث اقترب الريال السعودي من تخطي حاجز الـ400 ريال يمني والدولار الأمريكي من الـ1500 ريال، بالتزامن مع انتكاسة خدمة الكهرباء حيث وصلت ساعات الإطفاء في العاصمة عدن والمحافظات المجاورة إلى ثماني ساعات مقابل ساعتين من التشغيل، بسبب شحة الوقود ورداءة المتوفر، وهو ما فاقم من معاناة المواطنين خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة بسبب حلول فصل الصيف.
هذا التدهور جاء وسط عجز حكومي عن مواجهة الحرب الاقتصادية التي تشنها الميليشيات الحوثية واستمرار الخلافات الناجمة عن محاولات بعض القوى بسط نفوذها على الأرض على حساب قوى أخرى كان لها الدور في تحرير وتطهير المحافظات الجنوبية من الهيمنة الإيرانية.
ويرى مراقبون أن الهدنة الأممية الإنسانية التي بدأت في 2 أبريل 2022م، مثلت بداية السقوط الاقتصادي للشرعية اليمنية التي قدمت تنازلات لإنجاح هذه الهدنة أبرزها فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء أمام البواخر والرحلات التجارية، في حين رفضت الميليشيات رفع الحصار ولو جزئياً عن تعز أو فتح الطرقات الرئيسية بين المحافظات على الرغم من فتحها من طرف الشرعية.
وبرغم انتهاء الهدنة بعد ستة أشهر بسبب رفض الميليشيات الحوثية تجديدها، إلا أن الحكومة الشرعية ومن خلفها التحالف العربي استمرت بالسماح في تشغيل مطار صنعاء وميناء الحديدة، تحت مبرر رفع المعاناة عن المواطنين في مناطق سيطرة الميليشيات بحسب ما صرح به أكثر من مرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي.
بالمقابل استهدفت الميليشيات الحوثية بالطائرات المسيرة موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت، في إطار مخطط يستهدف الاقتصاد في المناطق المحررة، ونجحت أواخر العام 2022 في إيقاف التصدير بشكل نهائي وهو ما انعكس بشكل سلبي على العملة المحلية وتسبب في ارتفاع الأسعار وتفاقم معاناة المواطنين في المناطق المحررة.
وقابلت الشرعية هذا التصعيد العسكري بإعلان تصنيف الميليشيات الحوثية، منظمة إرهابية، وهو إعلان لم تتبعه أي إجراءات رادعة أو تحركات لتجفيف منابع تمويلها.
وحاولت الحكومة معالجة الوضع الاقتصادي برفع سعر الدولار الجمركي من 500 ريال إلى 750 ريالا، وهو إجراء ساعد الميليشيات الحوثية على توجيه ضربة ثانية تمثلت في منع دخول الصادرات القادمة من منافذ الشرعية وإجبار التجار على إرسال وارداتهم إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم.
ويستغرب مهتمون بالشأن اليمني إصرار مجلس القيادة وتأكيده المستمر على سعيه لتخفيف معاناة السكان في مناطق الميليشيات، في وقت يعيش سكان المناطق المحررة أوضاعاً اقتصادية وخدمية صعبة فاقمت من معاناتهم.
وكان سكان المناطق المحررة ينتظرون من مجلس القيادة الرئاسي وتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية الضغط على الميليشيات الحوثية من أجل الرد على حربها الاقتصادية واستهدافها للمنشآت النفطية والإيرادية، كإعادة إغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة، لكن الحكومة اكتفت بتوجيه التهديدات الشفهية دون تنفيذ أي منها.