تعرض عدد من الشركات والمؤسسات التجارية التي تأسست منذ عقود في صنعاء لمضايقات وعمليات ابتزاز كبيرة من قبل ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، ضمن مخطط السيطرة على القطاع الخاص في مناطق سيطرتها.
عملية تجريف منظمة وممنهجة مارستها الميليشيات ضد ما تبقى من القطاع الخاص ورجال المال والأعمال؛ بهدف تقوية قطاع موازٍ تقوده قيادات حوثية بارزة بهدف التحكم بالاقتصاد الوطني.
فرض قيود وإجراءات مشددة، وصولاً إلى مضاعفة الجبايات والإتاوات تحت مسمى الضرائب والجمارك؛ ناهيك عن حوادث الحرائق والاستهداف والنهب والتقطع التي يتعرض لها التجار ورجال الأعمال. فضلا عن الاغتيالات والاختطافات وإصدار أحكام قضائية جائرة لغرض الوصول إلى أموال التجار وأرصدتهم بطرق غير قانونية.
ومع كل عام يمر يزداد تسلط ذراع إيران على القطاع الخاص لتقوية القطاع الحوثي الذي أصبح قوة مالية كبيرة تغذي الحرب وتمول الهجمات الإرهابية داخل اليمن وخارجها.
انفجارات وحرائق
وفي أحدث تلك الحوادث، انفجار مقطورة غاز داخل محطة النجاح التابعة لرجل الأعمال “المفزر” قرب جولة آية، شمال صنعاء ما أدى إلى اندلاع حريق هائل امتد إلى منزلين ومسجد وتسبب بنزوح عشرات الأسر وتعرض عدد من منازل المواطنين للسرقة.
وتضاربت المصادر حول سبب الانفجار، فبينما تقول بعضها إنه ناتج عن تماس كهربائي وقع في حوش شركة “يمن غاز”، وتسبب بنشوب حريق هائل، ما أدى إلى انفجار المقطورة، قالت اخرى إنه بفعل فاعل مجهول.
وسبق الحادثة حريق هائل في مصنع “العاقل لإنتاج الأغذية الخفيفة” وسط صنعاء، ما أدى إلى خسائر مادية فادحة تسببت بتوقف عمل المصنع، دون ان تتضح أسباب اندلاع الحريق حتى اللحظة.
جبايات مستمرة
بدأت مليشيا الحوثي حملة واسعة ضد المستشفيات الخاصة وشركات بيع الأدوية والمستلزمات الطبية بصنعاء، فرضت خلالها على الأخيرة مبلغ مليون ريال، بذريعة دعم ما تسمى فعاليات “المولد النبوي”.
وتأتي هذه الجبايات الجديدة بعد أيام من حملة جبايات شنتها الميليشيات الحوثية بشكل واسع النطاق طالت التجار وأصحاب المحلات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص لتمويل ذات الفعالية.
واعتادت المليشيات على استغلال احتفالاتها وفعالياتها الطائفية وتحويلها الى مورد مالي وسوط لجلد التجار ونهب المواطنين وابتزازهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
كما واصلت مليشيات الحوثي الإرهابية احتجاز ثلاجات تصدير المنتجات الزراعية وفاكهة الرمان في نقاط عسكرية تابعة لها على الطريق الرابط بين محافظة صعدة والجوف في سياق فرضها ضرائب إضافية وجبايات غير قانونية على تصدير الرمان والمنتجات الزراعية إلى السعودية واحتكار الأعمال التجارية شركات تتبع قيادات بالميليشيات.
كما تحتجز ذراع إيران المئات من شاحنات النقل الثقيل والتجارية في منفذي نهم والجوف (وهما منفذان مستحدثان)، بسبب رفض سائقيها قرارا لمصلحة الضرائب الافتراضية الخاضعة للحوثيين، الذي يقضي بزيادة رسوم الجمارك والضرائب بنسبة 100%.
وكذا احتجاز أكثر من 300 شاحنة في إحدى نقاط الجبايات التي استحدثتها جنوبي ميناء الصليف بمحافظة الحديدة.
وأكدت مصادر تجارية، أن المليشيا رفضت السماح للشاحنات التجارية بالمرور، وفرضت على مالكيها غرامات تصل إلى 11500 ريال عن الطن الواحد، بينما يبلغ إيجار النقل 3000 ريال فقط عن الطن الواحد تحت ذريعة رسوم ما اسمتها “الميازين” والتي استحدثتها في عدة محافظات لفرض الجبايات والاتاوات غير القانونية.
ويشكو السائقون من قيام عناصر مليشيا الحوثي المنتشرة في النقاط الأمنية والمنافذ والميازين المستحدثة بابتزازهم بشكل غير مبرر، حيث يقومون باحتجازهم لأيام واسابيع طويلة، دون أي مبرر، وفرض جبايات مالية كبيرة. كما يقومون بعملية التفتيش بشكل غير قانوني، ما يعرض البضائع المحمّلة لمخاطر التلف والسرقة.
مصادرة وحظر عن المهنة
واستخدمت المليشيا سلطة القضاء الخاضع لإدارتها في حربها الشعواء على القطاع الخاص مستهدفة الشركات والمؤسسات التجارية وملاكها الذين أصبحوا تحت مطرقة المحاكم الحوثية.
شركة “بيت قاطن” أحد البيوت التجارية المعروفة بصنعاء، أصدرت محكمة خاضعة لمليشيا الحوثي حكما بمنع خمسة أشخاص من ممارسة مهنة التجارة بشكل نهائي، في الوقت الذي سطت الجماعة على شركة أسرة بيت “قاطن” التجارية.
وذكرت نسخة “سبأ” الحوثية، أن محكمة غرب الأمانة أقرت مصادرة آلات ومعدات شركة قاطن للتجارة والصناعة في أمانة العاصمة وزعمت تحويلها لـ”هيئة السرطان”.
وأضافت إن القرار نص على منع “فؤاد طه قاطن، وطه أحمد قاطن، وعبد الله أحمد السعدي، وعلي أحمد قاطن، ومحمد طه قاطن”، من ممارسة التجارة إلى الأبد.
كما قضى القرار بسجن الخمسة لفترات تتراوح بين سبع سنوات وسنتين، بحجة إدانتهم بإنتاج وبيع سلع ملوثة وغير مطابقة للمواصفات – حد قولها.
السيطرة على الغرفة التجارية
استكملت الميليشيات الحوثية مخططها باستهداف القطاع الخاص عقب اقتحام مقر الغرفة التجارية الصناعية في صنعاء نهاية مايو الماضي، وأعلنت سيطرتها على الغرفة وعلى وثائقها وأختامها دون وجه حق رغم الأحكام القضائية الصادرة ببطلان التحركات الحوثية. وقامت الميليشيات بتعين مجلس وأعضاء جدد لإداراتها من نافذيها يرأسهم القيادي علي الهادي بديلا عن رجل الأعمال المعروف حسن الكبوس.
ووثقت منظمة “دي يمنت للحقوق والتنمية”، نحو 2000 انتهاك ضد القطاع الخاص في صنعاء منذ اجتياح المليشيا الارهابية لها في العام 2014 في ظل استمرار المليشيا لتلك الانتهاكات وشن حملات مستمرة ضد القطاع التجاري، داعية ملاك الشركات والمؤسسات والأموال المنهوبة إلى إنشاء كيان حقوقي لملاحقة قيادات مليشيا الحوثي داخليا ودوليا.
وحذرت المنظمة من خطورة التجريف الحوثي الممنهج للقطاع الخاص من نهب ومصادرة وملاحقات قضائية ومنع التجار من مزاولة المهنة وقتل خارج القانون.