مع تواصل العجز الحكومي في استئناف تصدير النفط منذ هجمات مليشيات الحوثي، ذراع إيران في اليمن، على موانئ التصدير قبل أكثر من عام، يعود الحديث عن الفشل في استخدام خيارات بديلة لمواجهة هذا التحدي وعلى رأسها إمكانية تكرير النفط محلياً طيلة هذه الفترة.
ويبرز هذا الفشل الحكومي من واقع عملية تكرير النفط المحلية، جراء توقف أكبر وأهم المصافي الحكومية منذ ما يزيد عن 8 سنوات والحديث هنا عن مصافي عدن، في مقابل محدودية عمل المصافي الموجودة في مأرب والتي لا تتجاوز الـ7 آلاف برميل يومياً فقط وبمواصفات أقل جودة وكفاءة من مصافي عدن.
وتبلغ قدرة مصافي عدن تكرير 150 ألف برميل يومياً، وهو رقم يبلغ أكثر من ضعف آخر رقم للإنتاج قبل هجمات مليشيات الحوثي والذي يتراوح بين 60-70 ألف برميل يومياً بحسب تصريحات حكومية، ما يعني قدرة المصافي على استيعاب الإنتاج اليومي وتكريره وهو ما يعد انتهاء قيمة تهديدات المليشيات.
وتوقفت مصافي عدن عن العمل عقب اندلاع الحرب عام 2015م، ولا تزال متوقفة حتى اليوم بسبب عدم إنجاز مشروع محطة الكهرباء الخاص بها والتي تحتاج لعشرين مليون دولار فقط، بحسب تقرير للشركة الصينية العاملة بالمشروع، وفق تصريح لإدارة المصافي، خلال زيارة قامت بها مبادرة مجتمعية محلية الخميس الماضي.
وتقول إدارة المصافي، إن الحكومة ترفض دفع المبلغ معتبرة أن الهدف هو تعطيل المصفاة ومنعه من النهوض من جديد، مطالبة الحكومة بمنحها تكاليف ما تدفعه على محطات الكهرباء لشهر واحد فقط، والمصفاة مستعدة لتموين محطات الكهرباء بالمحروقات بصورة دائمة بعد التشغيل، مؤكدة أن ذلك سوف يؤدي إلى حل أزمة الكهرباء في عدن والحد الكبير من انقطاعات التيار المستمرة.
إدارة المصافي أثارت تساؤلاً حول أسباب توجه الحكومة لإنشاء مصفاة في حضرموت وأخرى في شبوة وفي محافظات أخرى بطاقات إنتاجية لا تتجاوز عشرة آلاف برميل في اليوم، في الوقت الذي مصافي عدن تنتج مائة وخمسين ألف برميل يوميا، وقادرة على تموين السوق في عموم محافظات الجمهورية، وتموين محطات الكهرباء بصورة مستمرة.
تساؤل إدارة مصافي عدن يشير إلى المشروع الذي وافقت عليه الحكومة في مارس الماضي بمنح ترخيص استثماري لإنشاء مصفاة لتكرير النفط الخام بحضرموت بقدرة تبلغ 25 ألف برميل يوميا بالإضافة لإنشاء خزانات للنفط الخام ومنطقة صناعية حرة لصالح شركة مليح للاستثمار الإماراتية.
إلا أن المشروع قُوبل بهجوم وحملة واسعة خاصة من قبل القوى السياسية المعادية للدور الإماراتي في اليمن وعلى رأسها جماعة الإخوان، كان آخرها ما نشرته قناة “بلقيس” التابعة للجماعة من تقرير الشهر الماضي ضد المشروع واتهمت فيه الحكومة بأن موافقتها على المشروع هو “هروب من التزاماتها بحماية المصالح الوطنية وحماية السيادة”.
وفي حين لم تحدد القناة الإخوانية المخالفات وصور الفساد في الاتفاقية، إلا أنها أقرت ضمنياً في تقريرها بأن معارضة المشروع تعود إلى أسباب سياسية ولا علاقة للأمر بمخالفة القانون أو الفساد بل إنها أقرت بأن المشروع يُمهد “لتأسيس بنية تحتية اقتصادية”، إلا أنها أفصحت عن سبب مهاجمة المشروع بأنه “تمكين الإمارات من هذه القطاعات السيادية في إطار مشروع الانفصال الذي تدعمه الإمارات”.
إدارة الإعلام في وزارة النفط والمعادن ردت ببيان لها على ما أوردته قناة بلقيس حول مصفاة تكرير النفط بحضرموت، موضحة بأن قرار الحكومة وافق عليه 4 من الوزراء ذوي اختصاص بهذا الشأن بالإضافة إلى كل من محافظ حضرموت رئيس الهيئة العامة للأراضي ورئيس هيئة الاستثمار.
وأكدت أن كافة جهات الاختصاص من وزارات وهيئات استوفت إجراءاتها القانونية، وأن الجميع أشرف على إعدادها، وقد أقرها مجلس الوزراء بشكل نظامي ومررها لجهات الاختصاص والتي بدورها أيضا اتخذت إجراءاتها النظامية.
وأوضح البيان النقاط الإيجابية للمشروع والتي أهمها فكرة الاستثمار في ظل وجود فجوة كبيرة في المواد البتروكيماوية والوقود طالما استنزفت عائدات المحافظة ناهيك عن عدم انتظامها وعدم توفرها أحيانا، بالإضافة إلى ما يوفره من فرص عمل لأبناء المحافظة.
وأكدت الوزارة أن وجود مصفاة تكرير بقدرة 25 ألف برميل يومياً (قابلة للتطوير) يعني أن حضرموت لن تضطر لتصدير نفطها عبر ميناء الضبة والمخاطرة بذلك (في إشارة إلى هجمات مليشيات الحوثي)، وتستطيع تكريره وبيعه محلياً وتجنب تكاليف التصدير التي تستنزف العائدات.