قبيل نحو 25 يوماً على حلول شهر رمضان المبارك، الذي يعدّ أكثر شهور العام الهجري استهلاكاً للمواد الغذائية في الدول العربية والإسلامية، تحاصر الحيرة، أحمد عبدالقادر، الموظف المتقاعد بصنعاء، وتعصف به المخاوف من وقوع ارتفاعات سعرية مضاعفة في المواد الغذائية الرمضانية الأساسية لهذا العام 1445 هجرية.
كغيره من سكان صنعاء والمحافظات المجاورة لها، اعتاد عبدالقادر وقوع ارتفاعات سعرية لأهم السلع الغذائية والاستهلاكية الرمضانية قبيل شهر رمضان من كل عام، لكنه هذا العام متخوف من تضاعف تلك الزيادات “أضعافا مضاعفة” بفعل ارتفاع تكاليف الشحن وتكاليف التأمين على السفن المتجهة إلى الموانئ اليمنية، كنتيجة مباشرة لهجمات مليشيا الحوثي في البحر الأحمر.
وفي حين شكا تجار في صنعاء من تأخر وصول بضائعم وعرقلة انسياب سفن الحاويات، وارتفاع أسعار الشحن الى موانئ محافظة الحديدة (غرب اليمن) بشكل كبير، كشف مؤشر “كييل” التجاري الألماني، استمرار تراجع حجم الشحن في البحر الأحمر.
وأظهرت النشرة اليمنية للسوق والتجارة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) انخفاضاً في واردات حبوب القمح إلى اليمن بنسبة 43 في المائة في موانئ البحر الأحمر، و37 في المائة إلى ميناءي عدن والمكلا خلال يناير/ كانون الثاني 2024، فيما سجل المؤشر التجاري الالماني انخفاضاً في عدد حاويات الشحن في البحر الأحمر بنسبة 80% خلال ذات الفترة، في ظل استمرار هجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية.
تحديات اقتصادية عالمية
من جهته حذّر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الاثنين 12 فبراير/ شباط 2024، من أن الحرب بين إسرائيل وحماس منذ أكتوبر قد أضرت بالفعل بالاقتصاد الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويمكن أن تهدد الأمن المالي العالمي.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في قمة الحكومات العالمية، وهي تجمع سنوي لرجال الأعمال والقادة السياسيين في دبي: “وسط الهجمات على الشحن عبر البحر الأحمر المرتبطة بالحرب، يمكن أن تؤثر الآثار غير المباشرة للقتال على العالم كلما طال أمده”.
وقال رئيس البنك الدولي أجاي بانغا، في كلمته أيضاً في القمة، إنّ “ما يحدث في غزة، ولكن أيضا التحديات التي تواجهها أوكرانيا… والبحر الأحمر” من بين أكبر التحديات التي تواجه التوقعات الاقتصادية العالمية.
انخفاض حركة الشحن عبر قناة السويس 40%
وكان مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية حذّر أواخر الشهر الماضي من أن حجم الحركة التجارية التي تمر عبر قناة السويس انخفض بأكثر من 40 في المئة في الشهرين السابقين.
ومطلع الشهر الجاري، قالت وزارة النقل الأمريكية، إنّ شركات شحن أبلغتها بأنها “تتوقّع زيادة التكدّس في بعض موانئ الحاويات الأمريكية في الأسابيع الأربعة، إلى السنة المقبلة، مع تغيير مسار الشحنات لتجنّب البحر الأحمر”.
ومنذ تصاعد هجمات مليشيا الحوثي على الملاحة الدولية فيي البحر الأحمر غيرت 180 سفينة شحن وجهاتها بعيداً عن مضيق باب المندب (الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر)، أو توقفت بانتظار تعليمات من الشركات المشغلة لها.
قفزات هائلة في أسعار الشحن إلى الموانئ اليمنية
ونقلت شركات شحن دولية مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، هربا من أية هجمات قد تتعرض لها، مما يعني كلفة نقل أكبر، وفترة تسليم أطول.
وأوردت وكالة بلومبيرغ عن مؤشر “ديروري” العالمي لأسعار نقل الحاويات إشارته إلى أن تكلفة نقل البضائع في حاوية بطول 40 قدماً من آسيا إلى شمال أوروبا، قفزت بنسبة 16%.
وكشفت مصادر اقتصادية في صنعاء عن تأثيرات سلبية كبيرة لهجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، وسط توقعات بتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية الطاحنة في اليمن.
وعقب الهجمات الحوثية بأيام قليلة قفزت أسعار شحن الحاويات 40 قدماً من الصين إلى ميناء عدن، من 3,000 دولار في 22 نوفمبر 2023، إلى 9.950 دولاراً في 4 يناير الماضي، وعبر ميناء الحديدة قفزت الأسعار من 4,950 دولاراً في 22 نوفمبر 2023 إلى 11,550 دولاراً في 4 يناير 2024.