قال تقرير نشره، أمس، مركز “سوث24” للدراسات إن تنظيم القاعدة في اليمن يواجه واحدة من أكبر أزماته منذ تصاعد نفوذه مطلع الألفية، حيث تكبّد خسائر كبيرة في صفوف قياداته نتيجة الضربات الجوية الأمريكية، التي أدت إلى تصفية عدد كبير من قادته في الصفوف الأول والثاني والثالث.
وأضاف التقرير أن الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الأمريكية بدون طيار، خاصة خلال السنوات الأخيرة، أضعفت القدرات العسكرية والإعلامية والشرعية للتنظيم، إذ استهدفت القادة المسؤولين عن العمليات الكبرى، بالإضافة إلى الشخصيات التي كانت تلعب أدوارًا محورية في استقطاب المجندين الجدد عبر وسائل الدعاية. كما أدت هذه الضربات إلى مقتل قيادات دينية شرعية أصدرت الفتاوى لدعم نشاط التنظيم، مما زاد من حالة الإرباك داخله.
وأشار التقرير إلى أن التنظيم يواجه صعوبة في إعادة ترتيب صفوفه، إذ لم يعد قادرًا على تعويض فقدان قياداته المؤثرة بنفس الكفاءة والخبرة. وعلى الرغم من وجود بعض الخلايا الناشطة في مناطق مختلفة من اليمن، فإن هذه الخلايا تواجه صعوبات في إعادة بناء الهيكل القيادي السابق.
وأوضح التقرير أن من بين آخر القادة الذين قُتلوا، محمد بن صالح المغي، المكنى “أبو علي الديسي”، وهو أحد أبرز القيادات الشرعية، الذي لقي مصرعه مطلع الشهر الجاري في محافظة شبوة إلى جانب قائد عسكري آخر، مما يجعله ينضم إلى قائمة طويلة من القادة الذين تمت تصفيتهم خلال السنوات الماضية، ومن بينهم ناصر الوحيشي، وسعيد الشهري، ونصر الآنسي، وعادل العباب، وغيرهم.
وأضاف التقرير أن العمليات العسكرية ضد التنظيم لم تقتصر على الضربات الجوية، إذ لقي اثنان من قادته مصرعهما في انفجار دراجة نارية في مأرب يوم 8 فبراير، في عملية وصفها التقرير بأنها “الأولى من نوعها”. كما استُهدفت قيادات أخرى في غارات أمريكية بمحافظتي شبوة وأبين، وهما منطقتان لم تشهدا مثل هذه الضربات في السابق، حيث كانت العمليات تتركز سابقًا في مأرب، وخاصة في وادي عبيدة.
ووفقًا للتقرير، فإن هذه التطورات تأتي في سياق عملية “سهام الشرق” التي تنفذها القوات الجنوبية منذ أغسطس 2022، والتي نجحت في تقويض نفوذ التنظيم والحد من قدرته على الحركة في بعض المناطق التي كانت تُعد معاقل رئيسية له.
وأكد التقرير أن التنظيم يعاني من أزمة في القيادة بعد تعيين سعد عاطف على رأس فرع القاعدة في اليمن، حيث يُعد من القيادات الأقل تأثيرًا مقارنة بسابقيه. ويعتمد التنظيم بشكل متزايد على قادة غير يمنيين، مثل المصري إبراهيم البنا، والسوداني أسامة القوصي، لكن وجودهم في اليمن يظل محدودًا، بينما تواجه القيادات المحلية صعوبات في ملء الفراغ القيادي.
وأشار التقرير إلى أن القيادة العامة للتنظيم، بقيادة أحمد سيف العدل، أرسلت عددًا من القادة الجدد إلى اليمن لتعزيز حضور التنظيم هناك، لكن الضربات الأمريكية المستمرة أجهضت هذه المحاولات، حيث قُتل بعض هؤلاء القادة، ومنهم خالد نجل سيف العدل، الذي لقي مصرعه في مارس 2024 في مأرب.
وأبرز التقرير أن التنظيم، رغم كل هذه الخسائر، لا يزال يشكل تهديدًا أمنيًا في اليمن والمنطقة، خاصة مع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي وسيطرة الحوثيين على الشمال. كما حذّر التقرير من أن أي تراجع في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، مثل تقليص الولايات المتحدة مساعداتها في هذا المجال، قد يؤدي إلى عودة نشاط التنظيمات المتطرفة بقوة.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن مستقبل القاعدة في اليمن يعتمد إلى حد كبير على قدرة القوات المحلية والدولية على استمرار الضغط العسكري والاستخباراتي على التنظيم، لمنع إعادة تشكله وتهديد الأمن الإقليمي والدولي.