وضع الإصرار الأميركي على مواصلة استخدام القوّة العسكرية “الساحقة والمميتة” ضد الحوثيين الجماعة الموالية لإيران في مأزق، لكون الحملة التي بدأها الجيش الأميركي ضدّهم قبل نحو أسبوع تبدو بلا مخرج واضح في ظل ما يبدو إلى حدّ الآن من تعطل الآلة الدبلوماسية وقلة تأثير تهديدات الجماعة وردودها، سواء باستهداف قطع بحرية أميركية أو قصف مناطق في الداخل الإسرائيلي، في مسار المعركة ودفع إدارة دونالد ترامب إلى وقفها.
وأثار ظهور مفاجئ لرئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبدالمهدي في صنعاء الأسئلة حول ما إذا كان الحوثيون يعوّلون على وساطة بغداد لوقف حملة القصف الأميركي العنيف على أهداف تابعة لهم، في ظل عدم ظهور أي مبادرة إلى حدّ الآن من قبل سلطنة عمان التي اختصت دبلوماسيتها على مدى السنوات السابقة بحلحلة عقد وأزمات الملف اليمني ككلّ.
ووثّق شريط فيديو نشره القيادي الحوثي عبدالرحمن الأهنومي عبر حسابه في منصة إكس وصول عبدالمهدي إلى صنعاء، وكتب الأهنومي معلقا على ذلك بالقول “الأستاذ عادل عبدالمهدي أهلا وسهلا بك ضيفا عزيزا، نورت صنعاء.”
وجدّد ترامب تهديده للحوثيين بـ”الإبادة الكاملة” بينما واصلت الضربات الجوية الأميركية استهداف مواقع خاضعة لسيطرتهم.
ظهور عادل عبدالمهدي في صنعاء يثير إمكانية الاستعانة ببغداد للتوسط لدى واشنطن في غياب قنوات دبلوماسية أخرى
واستهدفت الضربات العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة بالإضافة إلى معقلها في صعدة بشمال اليمن وفقا لقناة المسيرة التابعة للجماعة. وبثت القناة مشاهد لرجال الإطفاء وهم يكافحون حريقا في صنعاء في حين لم يقدم الجيش الأميركي تفاصيل دقيقة حول المواقع المستهدفة منذ بدء حملة الضربات الجوية.
وفي خضم القصف كتب ترامب عبر منصته تروث سوشال أن “أضرارا هائلة أُلحقت بالحوثيين،” مضيفا “راقبوا كيف ستتفاقم الأمور تدريجيا؛ هذه ليست معركة متكافئة ولن تكون كذلك أبدا. وسيتم القضاء عليهم تماما.”
ولا يبدو حديث الرئيس الأميركي عن عدم تكافؤ القوى مجافيا للصواب إذ لا مجال للمقارنة بين قوة الطرفين رغم ما يدور من حديث بشأن تطوير الحوثيين لقدرات عسكرية كبيرة تجلت خصوصا في توسّع مدى صواريخهم وثراء ترسانتهم بأنواع متعدّدة من الطائرات المسيّرة.
وشرعت جماعة الحوثي في استخدام تلك القدرات في محاولة تبدو يائسة لممارسة ضغوط على الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، حيث أعلنت الجماعة الخميس أنها قصفت مطار بن غوريون الإسرائيلي وحاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر.
وقال المتحدث العسكري لقوات الجماعة يحيى سريع في بيان إنّ القوة الصاروخية استهدفت مطار بن غوريون في منطقة يافا بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين2، مؤكّدا أن العملية “حققت هدفها بنجاح.”
وأضاف أن قوات الحوثي تواصل لليوم الخامس التصدي “للعدوان الأميركي الذي استهدف خلال الساعات الماضية المنشآت والأعيان المدنية في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى.”
وشنت الولايات المتحدة عشرات الغارات على اليمن منذ السبت الماضي ما أسفر عن مقتل وجرح بضع عشرات وفق بيانات حوثية لا يمكن التحقق من دقّتها.
وتابع سريع “نتيجة لذلك صعّدت القوات المسلحة من استهداف القطع الحربية المعادية في البحر الأحمر، ومنها حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس هاري ترومان والقطع الحربية التابعة لها.”
وأوضح أنه تم تنفيذ العملية “بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة.”
وسبق أن أعلنت الجماعة أكثر من مرة عن استهداف حاملة الطائرات ذاتها. وشدد سريع على أن “العدو الأميركي سيفشل في منع اليمن من استهداف العدو الإسرائيلي ردا على مجازره بحق إخواننا في غزة.”
وأضاف أن قوات الجماعة “مستمرة في منع الملاحة الإسرائيلية وفي إسناد إخواننا في غزة حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.”
وعلى الطرف المقابل قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن في ساعة مبكرة من صباح الخميس وذكر أن صفارات الإنذار دوت في عدة مناطق بإسرائيل بسبب المقذوف. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن دوي صفارات الإنذار سُمع في تل أبيب والقدس.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان “اعترض سلاح الجو الإسرائيلي صاروخا أطلق من اليمن قبل أن يدخل الأراضي الإسرائيلية. ودوت صفارات الإنذار”، وفقا للإجراءات المتبعة. وأفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية بأنه لم ترد أنباء عن إصابات خطرة.
ولا يخلو هذا الخيار الحوثي من مخاطر إضافية على الجماعة ذاتها إذّ أنّ استهداف منشآت في الداخل الإسرائيلي قد يستفزّ تل أبيب ويدفعها إلى الانضمام إلى حملة القصف الأميركي خصوصا وأن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي سبق أن أعلنت أنها تقوم بدراسة خيار الانضمام إلى تلك الحملة.