إذا كانت الرقة هي المدينة السورية التي اتخذها تنظيم الدولة الإسلامية « داعش» عاصمة له وخرج منها بفعل تدخل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، فإن مناطق سيطرة المليشيات الحوثية في اليمن عادت لتكون موطناً لتنظيمي ”القاعدة وداعش“ الإرهابيين معاً .
كأن عجلة الزمان ومتغيراته، قد اعادت هذه الآفة الى اصلها ومسقط رأسها ومنطلق تصديرها واستخدامها من قبل القوى الشمالية بصنعاء في الحرب على الجنوب مجدداً بعد ان تمكنت القوات المسلحة الجنوبية من تطهير محافظات الجنوب المحررة من تلك التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابعها وملاحقة ما تبقى من فلول عناصرها الإرهابية الى داخل الاراضي الشمالية الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية ذراع إيران باليمن التي تعمل اليوم على رعايتها وتمويلها وتطوير قدراتها بتقنيات حوثية إيرانية حديثة تمهيداً لاستخدامها مرة اخرى في حربها العدوانية والإرهابية على الجنوب وشعبه واستهداف قواته المسلحة الجنوبية ، وفي إنتظار إستدارة المجتمع الدولي نحو هذا الخطر الذي يكاثر نفسه بسرعة ويتفاعل مع روابطه اليمنية المتطرفة القديمة والجديدة، تكون كلفة تفكيك شراكاته الحوثية الإخوانية وصولاً الى إزالته طويلة ومكلفة.
حيث تقدر مساحة الرقة السورية 19,616 كيلومتر مربع فيما تقدر مساحة اليمن “الشمال” الذي يسيطر عليه المليشيات الحوثية 195000 كيلو متر مربع ، ورغم وجود الأدلة التي تؤكد وبصورة قطعية ان تنظيمي ”القاعدة وداعش“ الإرهابيين وعقب طردهما من الجنوب، قد وجدا في هذه المساحة المأوى والمعقل الرئيسي لإنطلاق عملياتهما الإرهابية صوب الجنوب والتي كان اخرها نجاح القوات الجنوبية في جبهة يافع من القاء القبض على خلية ارهابية تابعة لتنظيم داعش عناصرها من جنسات عربية واجنبية مطلوبين دولياً بعد ان تسللت من داخل اراضي محافظة البيضاء الشمالية الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية الى المناطق الجنوبية في مديرية يافع بمحافظة لحج واثناء التحقيقات الأولية مع عناصر الخلية الإرهابية اعترفوا بتلقيهم الدعم من المليشيات الحوثية وتوجيههم لتنفيذ عمليات ارهابية على اهداف عسكرية وامنية داخل الجنوب ، ويبدو ان الموقف الدولي من ذلك التطور الخطير لم يتخذ موقفاً وتحركاً جادًا وحاسمًا كالذي اتخذه ضد تنظيم الدولة ” داعش ” في مدينة الرقة السورية .
صحيح ان المجتمع الدولي ولا سيما الدول الإقليمية والدولية المشاركة في الحرب على الإرهاب ، تتعاطى مع انجازات القوات المسلحة الجنوبية في هذا الجانب ، كإضافة نوعية ذات أهمية استراتيجية في الحرب الكونية على الإرهاب ، الا ان هذا التعاطي ومعه تصريحات الإشادة ،لا يرقى الى مستوى تلك النجاحات وإحتياجات إستمرارها، اذا لم تترجم الاقوال بالافعال وتأطيرها تأطيرًا عملياً ضمن الجهد الدولي لمكافحة الارهاب ،من خلال تعزيز التنسيق وتبادل المعلومات وتوفير الإحتياجات ذات الأولوية في الشراكة ، إذ لا توجد دولة تستطيع محاربة الإرهاب بشكل فعال بمعزل عن غيرها ، لا سيما اذا كان لهذا الإرهاب ضمانات بقاء سياسي وتحالفات وتعاقدات مع قوى خرج من رحمها وترعرع في كنفها وتوليه عناية بالغة كما هو ماثل امامنا في العلاقة القائمة بين التنظيمات الإرهابية القاعدة وداعش والحوثي وجماعة إخوان اليمن .
وإجمالاً ، بات اليمن الخاضع لمليشيات الحوثي وجماعة الإخوان، يشهد اكبر نمو للإرهاب في العالم وعلى المستوى المادي والبشري والتقني، حيث اصبح تنظيم القاعدة الإرهابي يستخدم تقنيات هجومية متقدمة وجديدة ، مثل الطائرات بدون طيار.. هذا التطور يكفي لإن يقرع العالم اجراس الخطر وطبول الحرب والمواجهة على الإرهاب باليمن .