بعد جمود طويل، عاد مجلس النواب اليمني إلى المشهد السياسي عقب الجدل الذي أحدثته موافقة الحكومة الأسبوع الماضي على اتفاقية الشراكة مع شركة NX الإماراتية لتطوير شركة “عدن نت” الحكومية، وتصدر البرلمان للموقف المعارض للاتفاقية.
وتجلى ذلك بالرسالة التي وجهها نحو 20 عضواً بالبرلمان إلى رئيس الوزراء معين عبدالملك تدين خطوة الحكومة، وأعقب ذلك رسالة شديدة اللهجة بذات الموقف وجهها رئيس المجلس سلطان البركاني إلى معين.
وأرفق البركاني رسالته بنسخة من التقرير النهائي الذي أعدته لجنة تحقيق من أعضاء البرلمان حول ملفات النفط والاتصالات والكهرباء، كان الرجل قد أصدر قراراً بتشكيلها في أبريل الماضي، على ضوء الاتهامات التي ساقها رجل الأعمال النافذ/ أحمد العيسي ضد رئيس الوزراء في مقابلة تلفزيونية.
أبرز هذه الاتهامات التي ساقها العيسي ضد معين والتي شكلت محاور لعمل اللجنة البرلمانية، كانت الاتفاقية مع الشركة الإماراتية ووصفها بأنها “اتفاقية لبيع 70% من عدن نت”، بالإضافة إلى اتهامات بقضايا فساد بملفات أخرى أهمها بيع قطاعات نفطية لشركات أجنبية بصفقات مشبوهة.
وهذه الاتهامات الأخيرة سبق وأن شكل لها مجلس النواب لجنة تحقيق خاصة إلى جانب اتهامات أثيرت حول عقد امتياز إنشاء ميناء لتصدير الحجر الجيري بقشن في محافظة المهرة والتي أصدرت تقريرها في مارس الماضي.
اتهامات تدور جميعها حول عقود استثمار أو شراكة بقطاعات هامة كالنفط والاتصالات والكهرباء والثروة المعدنية، تؤكد اللجان البرلمانية في تقاريرها وجود تجاوزات ومخالفات حولها، في حين تنفي الحكومة ذلك بشدة من خلال ردودها في التقارير البرلمانية وتفنيدها لهذه الاتهامات بل والتأكيد على صحة موقفها.
فالجانب الحكومي يشدد على حاجة المناطق المحررة واقتصادها لأي فرصة استثمارية وخاصة في قطاع النفط، الذي يعاني من هروب الشركات الأجنبية بسبب ظروف الحرب، مع فشل الشركات الوطنية التي حلت بديلاً عنها في تطوير حقول الإنتاج الحالية أو إيجاد حقول جديدة نتيجة ضعف الإمكانيات وما يتطلبه قطاع النفط من إمكانيات وأموال ضخمة تفوق قدرتها كما يقول رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط في ردوده على لجنة البرلمان.
تحد وواقع صعب تراه الحكومة مبرراً لأي تجاوزات، كما يشير ذلك رد رئيسها معين عبدالملك في وجه اللجنة البرلمانية حول الاتهامات المتعلقة بالعقد مع الشركة الإماراتية لإنشاء شركة اتصالات، قائلاً: من مستعد أن يأتي يستثمر في بنية الاتصالات في اليمن بمبلغ (860) مليون دولار؟
في حين يقول وزير الاتصالات في رده على لجنة البرلمان، بأنه على الرغم من التسهيلات المقدمة من الوزارة لشركات الاتصالات المحلية التي قامت بنقل مركزها إلى عدن أو أنشئت حديثاً، إلا أن نشاط هذه الشركات كان ضعيفاً لا يرقى بمستوى طموحات الوزارة حتى يكون البديل الذي يعتمد عليه في نقل السيطرة والتحكم بقطاع الهاتف النقال إلى العاصمة عدن.
مبررات ودفاع الحكومة، يقابله شكوك تجاه تحرك البرلمان تجاه هذه القضايا وما إذا كان بدوافع من جهات نافذة وضمن صراع خفي للسيطرة على قطاعات حيوية كالاتصالات وثروات هامة كالنفط.
فتشكيل المجلس للجنتين خلال هذا العام وإنجاز تقريرهما، يعد النشاط الوحيد الذي قام به البرلمان منذ إعادة إحيائه في سيئون بحضرموت في أبريل من عام 2019، لسحب البساط عن برلمان صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثي عبر انتخاب هيئة رئاسة، ليتجمد نشاطه لثلاث سنوات، ويعود في أبريل 2022م ليؤدي رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمين الدستوري أمامهم في عدن.
4 سنوات من عمر البرلمان منذ إحيائه عام 2019م، تجاهل فيه لأحداث وملفات هامة، كالتساقط المريب الذي حدث لجبهات الشرعية شمالاً مروراً بالانهيار المستمر للعملة المحلية وكارثيته على الوضع الاقتصادي بالمناطق المحررة وفشل الحكومة في معالجة ذلك، بالإضافة إلى غياب دوره في التحقيق والتدقيق المالي في حجم الإيرادات والنفقات الحكومية والتي تمثل أهم بوابة للفساد الراهن.