“المولد النبوي أهم من صرف المرتبات”، رسالة ردت بها الميليشيات الحوثية- ذراع إيران في اليمن، على المطالب التي يرفعها مئات الآلاف من الموظفين المحرومين من مرتباتهم الشهرية منذ سنوات. وسط عمليات استنزاف ممنهجة تمارسها قيادات الميليشيات بحق إيرادات الدولة.
وفي الوقت الذي كان ينتظر موظفو المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي أي تحركات جادة لمناقشة صرف مرتباتهم؛ أطل رؤساء مجالس النواب والوزراء والشورى والقضاء الأعلى الموالون للحوثي في اجتماع استثنائي حضرته قيادات حوثية بارزة من أجل إقرار ميزانية طائلة تحت شعار “الاحتفال بالمولد النبوي -12 ربيع الأول- والذي يصادف 27 سبتمبر القادم”.
وظهرت القيادات في الاجتماع وهي تضع على رقابها الشارات الخضراء، تحت عنوان “إقرار مشروع خطة رئاسة الجمهورية لإحياء ذكرى المولد النبوي والخطة الحكومية”؛ وهي خطة رصدت لها مليارات الريالات من إيرادات الدولة والخزينة العامة.
ويحسب ما تناقلته وسائل الإعلام الحوثية، فإن الاجتماع وزع المهام والانشطة على الوزارات والجهات الحكومية والمحليات في أمانة العاصمة والمحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيات. كما تم إقرار خطة موسعة للترويج إعلامياً لكل ما يتم تنفيذه لإحياء هذا المناسبة التي حولتها الميليشيات إلى موسم للجباية وفرض الإتاوات ونهب الأموال والإيرادات.
ووضع الاجتماع أهدافاً رئيسية تتضمن استغلال المواطنين الذين سيتم إجبار اغلبهم على الحضور والمشاركة في الفعاليات الحوثية، من أجل استقطابهم والتحشيد صوب جبهات القتال. إلى جانب الأهداف الأخرى بجمع التبرعات والأموال تحت غطاء أعمال الخير والبر والإحسان.
وأثار الاجتماع حالة من السخط والغضب الشعبي من استمرار تجاهل الميليشيات الحوثية لمطالب صرف المرتبات التي تصاعدت خلال الشهرين الماضيين بقيادة عدد من المكونات المدنية بينها نادي المعلمين والمعلمات الذي رد على الاجتماع بالتأكيد على مواصلة الإضراب الشامل حتى تحقيق المطالب المشروعة.
ودعا النادي، في بيان مقتضب نشر على منصات التواصل الاجتماعي، كافة المعلمين والمعلمات ومنتسبي النقابات التعليمية إلى إطلاق مرحلة جديدة من الاحتجاجات وتوسيع الإضراب الشامل في جميع المحافظات لانتزاع الحقوق واستعادة المرتبات المنهوبة.
وكان نادي المعلمين وجه الكثير من الخطابات إلى مجلسي النواب والشورى بضرورة تخصيص جلسات لمناقشة المطالب الحقوقية التي يرفعها منتسبو القطاع التعليمي منذ شهرين؛ وسرعة اتخاذ الإجراءات القاضية بإعادة الحقوق للمعلمين الذين يواجهون هم وأسرهم أوضاعا معيشية صعبة.
وكانت مصادر برلمانية كشفت أن هناك تهديدات تلقاها الكثير من أعضاء مجلس النواب الذين لا يزالون في صنعاء؛ بشأن الامتناع عن عقد جلسات أو مناقشات تخص مرتبات الموظفين المنقطعة أو الموازنة العامة للدولة.
وتحدثت مصادر إعلامية أن زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي استدعى عددا من أعضاء مجلس النواب في صنعاء؛ بعد تصاعد المطالبات البرلمانية بضرورة مناقشة قضية انقطاع المرتبات والموازنة العامة التي ترفض الميليشيات الحوثية تسليمها للبرلمان الموالي لها.
وبحسب المصادر، فإن زعيم الميليشيات أكد أن مناقشة انقطاع المرتبات والموازنة العامة حالياً ستفكك الجبهة الداخلية وستخدم العدوان والغرب، وأن هذه الأمور من الصغائر التي لا يجب الالتفات إليها حالياً.
وأكد البرلماني البارز في صنعاء أحمد سيف حاشد حقيقة المعلومات التي أكدت تلقي أعضاء البرلمان تحذيرات وتهديدات من الخوض في نقاشات المرتبات المنقطعة أو حتى المطالبة بالكشف عن الحسابات الختامية للموازنة العامة للمناطق التي تسيطر عليها الميليشيات منذ 2015.
وقال حاشد، على منصة “إكس”، إن أداء مجلس النواب شهد تراجعاً ملحوظاً خلال الأيام الماضية؛ لافتا إلى أن نواباً في برلمان صنعاء أرجعوا ذلك “إلى توجيهات عليا” لم يحددوا هويتها بترك مساءلة الحكومة أو مناقشتها خاصة في موضوع الموازنة والمرتبات.
وتابع حاشد: “خلال ثماني سنوات لم تعد تقدم لنا الحكومة لا موازنات، ولا حسابات ختامية، وللأسف أن يتم هذا بتواطؤ بعض الجهات الموكل إليها مزيد من تدجيننا، وبدعم وغطاء الإرادة السياسية الراهنة، التي تريدنا كالعميان لا نستطيع أن نسأل أو نحاسب أحدا، بل لا تريد المجلس أو الشعب أن يعرف شيئاً عن الإيرادات والنفقات، حتى لا يتم السؤال: لماذا لا يتم دفع رواتب الموظفين وعلى رأسها المعلمون؟!”.
وقال المحلل السياسي اليمني يحيى العابد، إن مليشيات الحوثي فشلت في إسكات الناس ومطالبتهم المتكررة في صرف مرتباتهم في المحافظات التي تسيطر عليها.
وأوضح العابد، في منشور على صفحته على منصة إكس، أن الاحتجاجات تتوسع والرفض الشعبي للمليشيات يزداد كلما حاولت استخدام التهديدات وانتهاك حقوق المواطنين لمحاولة اسكاتهم وثنيهم عن مطالبهم الحقوقية المتمثلة بصرف رواتبهم من الحوثيين.
وتوقع العابد أن تتوسع المطالب بصرف المرتبات وتصل إلى حالة تصعيد شامل في مختلف المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات في حال استمرت بتجاهل صرفها.