تصاعدت المخاوف من التداعيات الاقتصادية والإنسانية للتهديدات التي تطلقها جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، على الملاحة الدولية بالبحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتوعد زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، في خطابه الأخير، باستهداف أي سفينة إسرائيلية تمر من البحر الأحمر. في حين أطلقت قيادات بالجماعة، في وقت سابق، تهديدات بإغلاق الملاحة البحرية في مضيق باب المندب بالكامل.
هذه التهديدات الحوثية باستهداف الملاحة بالبحر الأحمر، تُنذر بتداعيات اقتصادية وإنسانية على اليمنيين بسبب تأثيراتها المؤكدة في ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين البحري على البضائع الواصلة إلى الموانئ اليمنية وبخاصة موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.
وما يعزز هذه المخاوف، البيان التحذيري الذي صدر الخميس الماضي عن التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية (IMSC) وهو تحالف عسكري أنشأته أمريكا وعدد من الدول بالشرق الأوسط لتأمين حركة الملاحة في الخليج العربي ومضيق هرمز، وبحر عمان ومضيق باب المندب والبحر الأحمر.
البيان أشار إلى القلق المستمر من زيادة مستوى التهديد للشحن والملاحة البحرية في البحر الأحمر بالقرب من سواحل اليمن، موجهاً عدداً من النصائح إلى شركات الشحن الدولية حول إجراءات سلامة المرور في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي تمر منه سنوياً ما يزيد عن 17 ألف سفينة.
حيث ينصح بيان التحالف السفن بإعطاء الأولوية للطرق البديلة أثناء المرور بالبحر الأحمر وباب المندب لتجنب المياه اليمنية، وأن يكون العبور ليلاً لتقليل مخاطر الرصد البصري من قبل “الجهات الفاعلة الخبيثة”. في إشارة إلى جماعة الحوثي، مع الإبلاغ المسبق عن تحرك السفن نحو البحر الأحمر وباب المندب.
هذا التحذيرات يؤكد مختصون بأنها ستعمل على رفع كلفة التأمين البحري للسفن والبضائع المتجهة إلى الموانئ اليمنية على البحر الأحمر، ما يعمق من الأزمة التي تعاني منها اليمن من كلفة التأمين البحري المرتفع منذ اندلاع الحرب عام 2015م.
وتضاعفت كلفة التأمين البحري على الموانئ اليمنية إلى 16 ضعفا عن الوضع العادي ما قبل اندلاع الحرب، وتكلف اليمن نحو 250 مليون دولار سنوياً، بحسب تصريح سابق لوزير النقل بالحكومة اليمنية عبدالسلام حميد، في حين تؤكد تقارير أممية بأن ارتفاع كلفة التأمين البحري يعد من أبرز أسباب ارتفاع السلع وبخاصة الغذائية في اليمن خلال السنوات الماضية.
وتقود الحكومة اليمنية جهودا مكثفة لمواجهة ذلك، كان أبرزها مذكرة التفاهم الأولية التي تم التوقيع عليها في عدن منتصف شهر أغسطس الماضي بين وزير النقل والمدير الإقليمي للمنطقة العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لخفض كلفة التأمين البحري على السفن القادمة إلى الموانئ المحررة، عبر وضع وديعة تأمينية قدرها 15 مليون دولار في نادي الحماية التأمينية بلندن.
إلا أن هذه الجهود تعرضت لضربة قوية عبر الإجراءات التي نفذتها جماعة الحوثي خلال الأشهر الماضية والتي أجبرت التجار والشركات على الاستيراد عبر موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها ووقف الاستيراد عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير بنشاطها لصالح موانئ الحديدة.
وفي ظل استمرار هذه الإجراءات وإصرار جماعة الحوثي على حصر الاستيراد عبر موانئ الحديدة، فإن الارتفاع المتوقع في كلفة التأمين البحري جراء تهديدات الجماعة الأخيرة على الملاحة الدولية سينعكس أثره بشكل واضح في ارتفاع أسعار السلع في اليمن خلال الفترة القادمة، ما يُنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية.