تشهد صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ أيام، أزمة خانقة في المشتقات النفطية. وسط تصاعد التحذيرات من تدهور الأوضاع المعيشية جراء تفاقم الاضطرابات الجيوسياسية في مياه البحر الأحمر والتي أثرت على تدفق الوقود والغذاء إلى الموانئ اليمنية.
ويقف المئات من المواطنين في طوابير طويلة أمام محطات البنزين وآخرون أمام محلات بيع اسطوانات الغاز المنزلي للحصول على احتياجاتهم من هذه المادتين في ظل بروز أزمة المحروقات بسبب تصاعد التوتر في مياه البحر الأحمر وباب المندب، وتجنب شركات الشحن البحري العبور في هذه المنطقة تجنباً للهجمات التي تشنها الميليشيات الحوثية ضد السفن وناقلات النفط.
وبحسب مصادر في شركة النفط بصنعاء: إن أزمة الوقود هذه الأيام مفتعلة من قبل الميليشيات الحوثية، في ظل دخول عدد من ناقلات النفط إلى ميناء الحديدة وتفريغ كميات كبيرة. مشيرةً إلى أن الأزمة برزت عقب الضربات الأميركية البريطانية للمواقع الحوثية في عدة محافظات. موضحةً أن الكثير من محطات الوقود ووكلاء بيع الغاز المنزلي امتنعوا عن البيع، تمهيداً لبيع المحروقات بالسوق السوداء وبأسعار مضاعفة.
وأشارت المصادر إلى أن هناك 5 ناقلات مشتقات نفطية متواجدة في حرم ميناء الحديدة منذ يوم الثلاثاء 16 يناير، وتستعد للدخول وتفريغ ما تحمله من وقود إلى خزانات شركة النفط الخاضعة لسيطرة قيادات حوثية. موضحة أن هذه السفن تدحض حقيقة الأزمة التي تحاول الميليشيات الحوثية افتعالها للترويج لأسواقها السوداء وجني أرباح طائلة.
وعلى الرغم من وجود عدد من السفن المحملة بالوقود تنتظر الدخول إلى ميناء الحديدة، إلا أن هناك تراجعا كبيرا في كمية الواردات من الوقود والغاز إلى مناطق سيطرة الحوثي بسبب تصعيد الهجمات التي يقومون بها وارتفاع تكاليف الشحن البحري.
وتشير البيانات الملاحية الصادرة عن مؤسسة موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى أن واردات الوقود خلال الأشهر الماضية تراجعت بشكل لافت. موضحة أن واردات مادة البترول خلال شهر ديسمبر الماضي بلغت نحو 54 ألف طن متري، في حين كانت الواردات في شهر نوفمبر نحو 90 ألف طن، وأكتوبر 120 ألف طن.
بينما أظهرت البيانات أن واردات الديزل انخفضت من 130 ألف طن في نوفمبر إلى 99 ألف طن في ديسمبر الماضي. وفيما يخص واردات الغاز أظهرت البيانات أن حجم الاستيراد خلال شهر ديسمبر الماضي وصل نحو 55 ألف طن، مقارنة بالأشهر السابقة التي سجلت تفاوتاً في الاستيراد مع تواصل الهجمات التي تنفذها الميليشيات الحوثية ضد السفن التجارية المارة بالبحر الأحمر منذ مطلع نوفمبر الماضي.
بروز أزمة الوقود والغاز المنزلي ترافق مع إطلاق عدد من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية تحذيرات من مغبة التصعيد العسكري في مياه البحر الأحمر، ودخول القوات الأميركية والبريطانية خط المواجهة للتصدي للهجمات الحوثية ضد ممرات الملاحة الدولية.
ونشرت نحو 26 منظمة يمنية ودولية، بياناً مشتركاً أعربت فيه عن قلقها البالغ من تأثر العمل الإنساني والإغاثي جراء التصعيد العسكري في البحر الأحمر. لافتين إلى أن المنظمات الإنسانية والإغاثية علقت عملياتها الإنسانية بسبب المخاوف الأمنية بعد التصعيد الحوثي والغربي بالمنطقة.
المنظمات الإغاثية أكدت أن التهديدات الأمنية في البحر الأحمر، تؤدي إلى تعطيل التجارة وارتفاع الأسعار والتسبب في تأخير شحنات السلع المنقذة للأرواح. مضيفة إنه في أعقاب الضربات الأميركية والبريطانية “اضطرت بعض المنظمات الإنسانية إلى تعليق عملياتها بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن، بينما تقيّم منظمات أخرى قدرتها على العمل”.
وتوقّعت أن “المزيد من التصعيد قد يُرغم المزيد من المنظمات إلى وقف عملياتها في المناطق التي تشهد أعمالاً عدائية”. وأوضحت أن “ندرة السلع الأساسية وزيادة تكاليفها، مثل: الغذاء والوقود، ستفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة أصلًا، وستزيد الاعتماد على المساعدات”.
ويعتمد أكثر من 75% من اليمنيين على المساعدات للعيش، وسط أزمة اقتصادية حادة تسبّبت بها الحرب وانهيار العملة والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد والتجارة مع الخارج.