بثت قناة بي بي سي عربي، الثلاثاء، تحقيقاً استقصائياً أشبه بالأفلام الدرامية، بشأن ما أسمتها “حرب الإمارات على السياسيين اليمنيين”، تضمن مقابلات أجرتها مع فصيل سياسي معروف بعدائه للإمارات وجنود أمريكيين سابقين ينتمون لشركة تدعى مجموعة عمليات سيبر، زعمت أنهم من كانوا ينفذون عمليات الاغتيالات.
القناة في تحقيقها لم تتحدث سوى عن عملية اغتيال واحدة التي استهدفت رئيس حزب الإصلاح في عدن، إنصاف مايو في ديسمبر 2015م، في حين أنكر المرتزقة الذين التقت بهم القناة صلتهم بباقي العمليات التي تطرقت لها مقدمة البرنامج نوال المقحفي مثل اغتيال الشهيد أحمد الإدريسي ومرافقيه ومحاولة اغتيال الناشطة الحقوقية هدى الصراري، ومع ذلك أصرت المقحفي على اتهامها الذي يفتقد للدليل للإمارات والأجهزة الأمنية بالوقوف وراء كافة الاغتيالات التي شهدتها عدن خلال فترة ما بعد التحرير.
فريق إعداد البرنامج تناسى في تحقيقه التطرق إلى وضع عدن عقب تحريرها من مليشيا الحوثي، حيث تحولت بعض مديرياتها إلى مراكز للعناصر الإرهابية، وتجاهل الفريق الحديث عن الجهود التي بذلتها قوات الحزام الأمني التي دربتها الإمارات من أجل تحرير مديرية المنصورة من العناصر الإرهابية مطلع العام 2016، أي بعد أسابيع قليلة من محاولة اغتيال أنصاف مايو.
وبدا برنامج “نوال” حملة دعاية مضللة في بلاد كأنها لا تعيش حربا ولم يقتل التحالف الحوثي الإخواني عشرات من القيادات الجنوبية أو ممثلي الهلال الأحمر الإماراتي وعشرات الناشطين الجنوبيين سابقاً، وبعد استقرار الجنوب انتقلت الاغتيالات إلى مارب وتعز في خدمة الحوثي وحلفائه.
ومن أبرز التساؤلات التي يثيرها التحقيق هي التناقضات التي تضمنها، فالبرنامج يتحدث عن جرائم الاغتيالات التي حدثت خلال السنوات الماضية، فيما المرتزقة الذين التقتهم أكدوا أن تواجدهم في عدن كان لأيام قليلة في عام واحد.
كما أن القيادي الإخواني إنصاف مايو غادر مقر الحادثة بناءً على طلب من حارسه الشخصي، قبل التفجير.. ولم يصب بأذى، فيما تم اغتيال عشرات لم ترهم القناة وبرامجها آخرهم البقماء والجرادي في مأرب وقبلهم عشرات القيادات الجنوبية التي كانت تتلقى الدعم من الإمارات لخوض معركة استعادة استقرار الجنوب واستمرار تحرير الشمال.
غير أن التساؤل الأهم هو سبب إصرار طاقم الإعداد الربط بين الأحداث التي يتناولها التقرير والهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي الإرهابية على السفن التجارية في البحرين الأحمر والعربي، وإتباع ذلك بالحديث عن ما أسموه نفوذ سيطرة الإمارات في اليمن، مع العلم أن الإمارات أعلنت قبل قرابة أربعة أعوام خروج قواتها من عدن ومأرب.
ومن أهم المغالطات التي تضمنها تحقيق القناة البريطانية اتهام المواطن ناصر الشيبة، بالتورط في قضية استهداف المدمرة الأمريكية يو إس إس كول في ميناء عدن عام 2000، فيما الحقيقة أن المتهم بهذه الجريمة هو الإرهابي رمزي الشيبة وكان يقبع في سجن غوانتانامو الأمريكي.
ولكن بالنظر إلى طاقم الإعداد والضيوف نجد أنهم ينتمون إلى تيار سياسي معروف بموقفه العدائي من جهود الإمارات ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن، حتى شخصية الضابط الذي استند التحقيق عليه كشاهد يقيم في مدينة إسطنبول التركية التي تعتبر مركزاً لتجمع القيادات الإخوانية المعادية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات.
ويشير السياسي جمال العواضي، في تدوينات على إكس، إلى أن فريق العمل والضيوف هاشميون وإخوان ورددوا كلمة الإمارات في البرنامج أكثر من اليمن، متهماً قناة بي بي سي عربية بمحاولة “استحمار” المشاهدين بهذا البرنامج الذي الغرض منه التشهير وتصفية الحسابات باستخدام معلومات إيحائية مراوغة تشير إلى الدليل ولا تؤكده.
ويرى العواضي، أن الذي أعطى لهذا البرنامج الركيك قيمة هو بثه على قناة عريقة كالـBBC، قبل أن يلفت الانتباه إلى أن البرنامج استضاف مرتزقة وهؤلاء لا يشاركون بالمجان، متسائلاً: من دفع ملايين الدولارات لاستضافتهم على اعتبار أن القناة لا يمكن أن تتحمل تكلفتهم.
وقال “يتحدثون عن استخدام أعضاء وهميين للقاعدة في حين يستضيفون على قناتهم عناصر فعلية منهم. ولولا قوات مكافحة الإرهاب التي دربتها عناصر عسكرية أجنبية مؤهلة ومواجهتها العناصر الإخوانية الإرهابية ودحرها لكانت عدن والجنوب ككل إمارات إسلامية متطرفة تحمل الموت والدمار ولا تقبل بإعلام آخر سوى الجزيرة وتبعاتها”.
ويؤكد العواضي، أن القناة التي وصفها بـ”المحترفة” سقطت عن قصد أو بدون في شباك الإخوان المنتشرين في كل ركن وزاوية من مدينة لندستان!!