يترقب علي النهمي -سائق دراجة نارية- انتهاء خطبتي صلاة الجمعة في أحد مساجد مدينة صنعاء ليتوقف لأداء الصلاة على رصيف مجاور للمسجد الواقع وسط المدينة وفي أكثر أحيائها كثافة سكانية وحركة تجارية.
يقول النهمي، إنه يعرف مسبقاً محتوى خطبتي الجمعة، فقد سمعهما عبر الإذاعات المحلية والنشرات الإخبارية الموجهة، وخطب ومحاضرات السياسيين طوال أيام الأسبوع، ولذلك يشعر بالملل والاشمئزاز من محتوى خطبٍ وعظية افتراضية موجهة، يرى أنها تحولت إلى نشرات إخبارية تضليلية.
ومثله يفعل حسن الريمي -الموظف المتقاعد- الذي يأتي المسجد متأخراً عنوة بالتزامن مع إقامة صلاة الجمعة ليبسط سجادته على الرصيف المجاور للمسجد مكتفياً بأداء صلاة الجمعة دونما استماع لخطبتيها.
“سمعتها عدّة مرات، واسمعها في الطريق عبر مكبّر الصوت الخاص بالمسجد”، يقول الريمي، متمنياً أن يسمع في محتوى خطبتي الجمعة ما يلامس هموم الناس المعيشية اليومية، واحتياجاتهم الخدمية، وليس “حزمة الشتائم المعتادة للخصوم السياسيين”.
وفي جزء من محتوى خطبتي صلاة الجمعة بمساجد صنعاء يوم الجمعة 26 يناير/ كانون الثاني 2024، كان لافتاً تضمنها مصطلحات كراهية وعبارات تحريضية تدعو وتحث على العنف والقتال، اتساقا مع خطابات قيادات مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- واستراتيجيتها لتضليل الرأي العام في الخارج والداخل.
وزعم خطباء المساجد في صنعاء أنّ اليمن تخوض حرباً مفتوحة مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وحثوا المصلّين على التحرّك وتقديم (الأموال والأنفس) تنفيذاً لما وصفوها توجيهات ربّانية، محاولين الاستدلال بآيات من القرآن الكريم إمّا مجتزأة أو يجري تفسيرها في غير سياقها.
وحسب أدبيات الأمم المتحدة، فإن خطاب الكراهية يعد إنكارا لقيم التسامح والاندماج والتنوع وجوهر معايير ومبادئ حقوق الإنسان، ومن نتائجه تقع جرائم التمييز والعنف والعنصرية والإقصاء الاجتماعي والاقتصادي، كما أن استمرار التعبير عن الكراهية دون رادع، “يمكن أن يضر بالمجتمعات والسلام والتنمية، لأنها تمهد الطريق للصراع والتوتر وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الجرائم الوحشية”.