وسط تصاعد التوترات الناجمة من الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني ضد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر، تكشفت مساعي طهران في إيجاد موضع قدم لها على الضفة الأخرى من هذا الممر المائي الهام.
حيث كشفت تقارير إخبارية أمريكية الأسبوع الماضي عن تدخل إيران في الحرب الدائرة في السودان التي تقترب من عامها الأول، لصالح أحد طرفي الحرب وهو الجيش السوداني الذي يقوده الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
ونقلت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية في تقرير لها عن مسؤولين غربيين، أن إيران زودت الجيش السوداني بطائرات دون طيار من نوع “مهاجر 6” مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات، في خطوة أثارت المخاوف من استغلال إيران للحرب في السودان لتوسيع نفوذها في البحر الأحمر والذي يمتلك السودان سواحل عليه تمتد لـ670 كم.
وجاء الكشف عن هذه الخطوة، بعد نحو 3 أشهر من قرار البرهان استئناف العلاقات بين السودان وإيران التي جرى قطعها عام 2016م، تبعه لقاءات لافتة بين البرهان ومسئولين تابعين له وبين مسئولين إيرانيين خلال الأسابيع الماضية.
في توجه يراه مراقبون بأنه محاولة من الرجل للحصول على دعم عسكري إيراني بأي ثمن ومقابل أي تنازلات يقدمها لطهران في سبيل مواجهة انهيار قوات الجيش مؤخراً أمام قوات الدعم السريع في عدد من الولايات الجنوبية، حيث يعول البرهان على سلاح الطيران المُسير في قلب المعادلة على الأرض ووقف تقدم قوات خصمه حميدتي.
حصول البرهان على الدعم الإيراني والوعود بالمزيد منه، يتزامن مع إصراره الشديد على الاستمرار في خيار الحرب ورفض كل الجهود المحلية والإقليمية خلال الأسابيع الماضية لوقف الحرب في السودان والجمع بينه وبين قائد قوات الدعم السريع.
تقارير إعلامية سودانية أشارت إلى وقوف جماعة الإخوان وراء الدفع بالبرهان نحو إيران، حيث تحتفظ الجماعة التي أدارت الحكم في السودان بعهد الرئيس السابق عمر البشير لثلاثة عقود بعلاقات جيدة مع طهران خلال تلك الفترة، وتؤكد هذه التقارير أن الجماعة لا تزال هي من تدير الأمور داخل الجيش.
اللافت في الموضوع، كان الاتهام الذي وجهته سلطة البرهان عقب الكشف عن وصول أسلحة إيرانية عبر مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس خلال كلمة له في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، ضد دولة الإمارات ودولة تشاد بدعم قوات الدعم السريع، بالأسلحة والمرتزقة.
هذا الاتهام تلقفته بشكل سريع خلايا الإخوان في اليمن على مواقع التواصل الاجتماعي، لتجديد حملاتها العدائية ضد دولة الإمارات ودورها في اليمن ضمن قيادة التحالف العربي، في مشهد يذكر بالدور الذي لعبته الجماعة خلال سنوات الحرب وساهم في عرقلة حسمها ضد جماعة الحوثي -ذراع إيران في اليمن.
فالجماعة التي خاضت بعناصرها وإعلامها وناشطيها حرباً شرسة ضد الدور الإماراتي في اليمن تحت مزاعم ولافتات عديدة وجددت هذه الحرب مع مزاعم سلطة البرهان، هي ذاتها اليوم التي باتت تساند وتؤيد هجمات ذراع إيران في اليمن ضد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر، وتسعى عبر البرهان إلى مساعدة إيران في استكمال السيطرة على الضفة الأخرى من هذا البحر.