خسائر كبيرة لحقت بإيرادات قناة السويس المصرية، جراء تصاعد الهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، ضد السفن التجارية وناقلات النفط والغاز التي تمر بمياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وبرزت هذه الخسائر من خلال تراجع أعداد السفن والعائد المالي لنحو 50% منذ بداية العام الجاري.
وتدرّ القناة على الخزينة المصرية بإيرادات تصل لنحو 10 مليارات دولار سنويا، إلا أن تصاعد الاضطرابات والهجمات البحرية خلال الفترة الماضية، يشكل خطرا كبيرا على هذه الإيرادات التي بدأت فعلياً بالتراجع خلال شهر يناير الماضي وفق ما أعلنه مسؤولون مصريون.
وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، إن عائدات القناة بالدولار انخفضت بنسبة 40% منذ بداية العام مقارنة بذات الفترة من العام 2023، مشيرا إلى ان عدد السفن التي عبرت القناة خلال شهر يناير 2024 بلغت نحو 1360 سفينة، مقارنة بشهر يناير من العام 2023 التي وصل عدد السفن فيها إلى 2155 سفينة، موضحا أن هناك نقصا كبيرا يصل إلى 793 سفينة بنسبة تراجع 36%.
وأشار ربيع إلى أن العائد المالي تراجع أيضا خلال يناير حيث كان العائد المالي لشهر يناير 2023804 ملايين دولار، ويناير هذا العام وصل 428 مليون دولار بفارق 376 مليون دولار بنسبة نقص 46% عن العام الماضي.
وجدد رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع أنه رغم الأحداث المضطربة في منطقة البحر الأحمر إلا أن طريق قناة السويس لا يزال الأفضل والآمن والأقصر لكل الطرق البحرية، لافتاً إلى أن طريق رأس الرجال الصالح غير مستدام ولا يصلح لذلك، مضيفا إنه وخلال العام الماضي عبرت 26 ألفا و400 سفينة من القناة، ووفرت هذه السفن 55 مليون طن من الانبعاثات الكربونية عن أي طريق بديل، كما وفرت 17 مليون طن وقود.
وأضاف: “هناك فرق بين قناة السويس وطريق رأس الرجاء الصالح في زمن المرور والذي بلغ من 12 إلى 15 يوما طبقا لسرعة السفينة والأحوال الجوية، وهناك مشكلة في سلاسل الإمداد التي تؤثر على العالم، وهناك تحذيرات من كارثة بيئية عالمية بسبب تحول السفن من قناة السويس لرأس الرجاء الصالح”. وقال أسامة ربيع: “قدمنا خدمات لم تكن موجودة للتسهيل على الشركات والسفن التي تعبر البحر الأحمر، ومن المتوقع زيادة عدد السفن بالقناة بعد حل الأزمة لتعويض السفن التي توقفت”.
ويؤكد الكثير من الخبراء المصريين أن خطر ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران في البحر الأحمر يتسع يوماً بعد يوم، وأن مصر صارت من أكبر المتضررين جراء الهجمات التي تتعرض لها السفن التجارية المارة عبر مضيق باب المندب.
ويتوقع الخبراء أنه في حال استمرار الوضع قد تنخفض إيرادات قناة السويس من نحو 10 مليارات دولار إلى 6 مليارات دولار خلال العام الجاري؛ حيث إن التوتر القائم بمضيق باب المندب له تأثير مباشر على إيرادات القناة وتراجعها بشكل ملحوظ.
ويوضح الدكتور أحمد الشامي، مُستشار وخبير اقتصاديات النقل البحري، أن قناة السويس تأثرت مُباشرة نتيجة توترات منطقة باب المندب، وهذا عكس بدوره على الاقتصاد العالمي. فانخفاض حركة المرور في القناة يؤثر على اقتصاد العالم بشكل كلي.
وأضاف إن باب المندب هو المدخل والمخرج للسفن العابرة نحو قناة السويس، وإن الهجمات البحرية أجبرت السفن التجارية على التوجه صوب طريق رأس الرجاء وهو ما زاد من تكاليف التشغيل بنسبة تُقارب من 80 – 100%، وهذا أدى إلى ارتفاع أسعار المُنتجات بنسبة تتراوح من 40 – 45%.
ويتفق المهندس وائل قدور، خبير النقل البحري وعضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس الأسبق، مع تصريحات الدكتور الشامي، على أن حركة الملاحة بقناة السويس تتأثر كثيرًا بالتوتر الجاري في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن السفن الناقلة للحاويات والبضائع تُمثل الشريحة الأكبر، حيث تُمثل 50% من إيرادات القناة، يليها السفن الناقلة للبترول، ثم سفن الغاز المُسال.
وذكر أنه خلال أزمة “كورونا” لم تتجاوز نسبة التأثُر بقناة السويس الـ18% وبرغم ذلك حققت أرقامًا قياسية، ولكن أثر الحرب الجارية أكبر، حيث انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة عجز 46% خلال شهر يناير الماضي.