أجمع خبراء اقتصاديون على أهمية تحركات البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن بشأن الشبكة الموحدة للتحويلات، وقراراته الأخيرة ضد شركات الصرافة والبنوك الأهلية التي امتنعت عن التعامل مع هذه الشبكة، مؤكدين على أهمية دعم توجهات قيادة البنك المركزي التي يرون أنها تأخرت كثيراً.
وفي 9 مارس أعلن البنك المركزي اليمني بدء العمل بالمقسم الوطني والشبكة الموحدة للحوالات، قبل أن يتخذ سلسلة إجراءات ضد البنوك وشركات الصرافة التي امتنعت التعامل مع الشبكة، وكان آخرها تعميمه الأربعاء، بإيقاف التعامل مع خمسة بنوك هي (التضامن) و(اليمن والكويت) و(الأمل للتمويل الأصغر) و(اليمن والبحرين الشامل) و(الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي).
>> بينهم التضامن والكريمي.. مركزي عدن يوجه بإيقاف التعامل مع خمسة بنوك
الخبير الاقتصادي، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر في توضيح نشرته منصة حقيقة، بيَّن أهداف تحركات البنك وقرارها الأخير بشأن وقف التعامل مع عدد من البنوك، وقال “التعميم أداة للضغط على البنوك؛ لأنها استجابت لتوجيهات البنك المركزي في صنعاء بعدم التعامل مع الشبكة الموحدة للتحويلات التي أنشأها البنك المركزي في عدن وانضمت لها حوالي 48 شركة صرافة”.
وأضاف “البنك المركزي في عدن أقر نهاية فبراير الماضي تفعيل الشبكة الجديدة، واصطدم بتوجيهات للبنك المركزي في صنعاء بعدم التعامل مع الشركات التي انضمت إلى الشبكة، وهذه البنوك استجابت لتوجيهات مركزي صنعاء بالامتناع عن التعامل مع هذه الشركات” .
>> حرب مصرفية باردة.. وقف شبه كلي للحوالات بين مناطق الشرعية والحوثي
ولفت إلى أن هذا التعميم نوع من الرد على توجيهات البنك المركزي في صنعاء، مستعرضاً رد محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب خلال تواصله معه والذي قال “إنه من غير المنطقي أن يكون البنك المركزي في صنعاء هو المستفيد من التحويلات وفي نفس الوقت يحاول فرض إجراءاته”.
وأكد مصطفى نصر أن الشبكة الموحدة لا تعني البنك المركزي في صنعاء لأن عملها في نطاق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وما يقوم به هو نوع من التعنت لا أكثر.
أما الصحفي الاقتصادي، ماجد الداعري، فاستعرض في منشور على حسابه بالفيسبوك أهمية عقوبات البنك المركزي بحق البنوك وشركات الصرافة المتمردة وأثرها في تحسين استقرار صرف العملة.. وماذا بعد؟!، وقال: “عقوبات البنك المركزي اليمني عدن، لم ولن تقتصر على الـ5 بنوك والـ13 شركة صرافة مشمولة بالدفعة الأولى بتقديري من تلك العقوبات الشجاعة المحتاجة لدعم وتكاتف الجميع رئاسة وحكومة وشعبا من أجل إنجاحها والانتقال إلى مراحل أخرى مهمة منها أيضا، كون تلك العقوبات والإجراءات التنظيمية التي لا بد منها ولا تراجع عنها، ستمتد لاحقا، حسب اعتقادي، إلى بنوك جديدة وعشرات الشركات الأخرى التي لم تستكمل إجراءات عملها من جهة، ولم تمتثل لتعليمات البنك المركزي أيضا سواء بخصوص اقتصار تحويلاتها على شركة التحويلات المالية الموحدة، أو لعدم إيقاف التعامل بالتحويلات مع وعبر هذه البنوك المعاقبة، من جهة أخرى”.
وبشأن أسباب وجدوى تلك العقوبات ومدى أثرها على استقرار الصرف وتحسين قيمة العملة وخدمة الاقتصاد الوطني، قال “أقول بكل تواضع ووفق تقديراتي الشخصية أنها خطوات البداية المهمة التي لا بد منها ودعمها من الجميع للسير نحو خطوات أكبر مقبلة نحتاجها لتصحيح الاختلالات الكبيرة القائمة في إدارة القطاع المصرفي المختطف اليوم من قبل المليشيات الانقلابية وشلل من الصرافيين وهوامير النفوذ ومافيا تهربب وتجريف العملة”.
ويرى الداعري أن تلك العقوبات ستؤتي ثمارها لاحقا بتعاون وتكامل ووعي الجميع بأهميتها والتجرد من أي مصالح شخصية وفئوية قد تقف أمام استكمال مراحلها الأهم الساعية لوقف العبث المصرفي والمضاربات بالعملة وتجفيف مصادر دخل المليشيات الحوثية من القطاع المصرفي وفارق الصرف وقيمة التحويلات إلى مناطق سيطرتها، ولو بمقايضتها بذلك في قبول التعامل بالأوراق النقدية الصغيرة المطبوعة حديثا أو التوافق على عملة واحدة بقيمة صرف واحد، كونها المستفيد الأول من كل فوارق الصرف وتقسيم القطاع المصرفي بخلق بنكين مركزيين ونظامين مصرفيين.
من جانبه وصف الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، محمد الجماعي، قرار البنك المركزي بشأن إيقاف التعامل مع البنوك الخمسة بـ”أشجع” قرار قام به البنك منذ نقل عملياته إلى عدن قبل ثمانية أعوام، مؤكداً أن هذه الخطوة وما سبقها من خطوات مثلت تدشين المقسم الوطني وشبكة التحويلات الموحدة ومنع إرسال الحوالات خارج الشبكة تنتظر الإسناد الحكومي لأنه ستعقبها إجراءات متدرجة أكثر شدة إذا لم يتم الالتزام.
وقال: “طالبنا البنك المركزي منذ مدة مرات عديدة، أن يقوم بواجبه لإصلاح الانقسام النقدي والاختلالات التي أضرت بالوطن والمواطن. كأن يقوم بإلغاء العملة القديمة مثلا، أو وقف تحويلات المغتربين عبر صنعاء وتحويلها عبر العاصمة عدن وبنوكها، أو حتى معاقبة البنوك والمصارف المخالفة بإدراجهم ضمن قائمة سوداء وتعميمها على البنوك الخارجية، أو حتى إجراءات فردية كمنع ملاكها ومجالس إداراتها من السفر ومصادرة جوازاتهم وغير ذلك… لكني قطعا لم أكن أتوقع أن ينفذ المركزي هذا الكمين الصادم”.
وأشار إلى أن الميليشيات الحوثية استغلت تراخي المركزي الرئيسي في عدن -سابقا- في تنفيذ المهام الرقابية المناطة به، وعدم قيامه بالإجراءات الاحترازية التي استغل الحوثي غيابها فوسع شبكة عملياته في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة التي أضرت بالاقتصاد الوطني، المضاربة بالعملة وتهريبها عبر صفقات استيراد وهمية وغيرها، وهي ما دفعت أمريكا لفرض عقوبات على عدد من تلك الشبكات المرتبطة بإيران، عدة مرات.