“أصبحت أعياد الحديدة بلا طعم ولا لون إلا لون المليشيا ومرارة منظرهم يحتفلون بأوجاعنا” بهذه الجملة المكثفة أجاب أحد أبناء مدينة الحديدة عند سؤاله عن العيد في مدينته.
فمنذ سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على مدينة الحديدة الساحلية ومظاهر العيد تتوارى وتختفي عنها عاما بعد آخر، حيث حولت المليشيا المدينة من عروسة البحر الأحمر وقبلة السياحة الداخلية في الأعياد إلى إقطاعية خاصة بها استأثرت بثرواتها وموانئها وأمعنت في إفقار سكانها وتجفيف مصادر دخولهم مثل: تعطيل الأسواق والتضييق على التجار وأرباب العمل وأصحاب المهن الصغيرة بفرض جبايات باهظة عليهم أثقلت كاهلهم وأدت إلى توقفهم عن مزاولة أعمالهم وآخرها عسكرة البحر الأحمر والتسبب بتوقف مهنة الاصطياد.
شوارع خاوية..
يشير المواطن حسن عبدالله (اسم مستعار) في حديثه إلى نيوزيمن إلى أن شوارع مدينة الحديدة كانت تزدحم بشكل كبير في الأعياد وتمتلئ بالمتسوقين من أبناء المدينة ومن خارجها وكذلك بأصحاب البسطات الصغيرة الذين يفترشون الأرصفة إلى درجة أنك لا تستطيع المرور في بعض الشوراع بسهولة، ومنذ أول أيام العيد تزدحم الشواطئ بالزوار القادمين من المحافظات المجاورة، إلا أن الوضع تغير بشكل كبير منذ دخول الحوثيين إلى المدينة، ففي كل عام تتضاءل حركة أسواق المدينة أكثر من العام الذي سبقة حتى باتت خاوية تماما وباتت المدينة التي كانت لا تنام في مثل هذه المناسبات، تجمعا كبيرا للفقراء والجوعى والمتشردين فحيث ما وليت وجهك لن تشاهد إلا وجوها أضناها الفقر وهدها التعب.
ويضيف: في المقابل، يتجول قيادات الجماعة الحوثية على سيارات دفع رباعي من أحدث الموديلات وعلى وجوههم تبدو أثار النعمة والتخمة، ولا يخجل أحدهم من المباهاة بثروته الطائلة التي نهبها من أملاك الدولة والمواطنين، إذ ستجد أن أصغر قيادي حوثي يشتري القات بمئة ألف ريال وأكثر في اليوم بينما يتضور الملايين جوعا وتتمنى معظم الأسر المعدمة ألف ريال في اليوم ليسد رمقها.
المطراق قبل وبعد الجائحة..
قبل وصول مليشيا الحوثي إلى الحديدة كان سوق المطراق يعد بمثابة قلب المدينة النابض بالحياة وفي مثل هذا الوقت من كل عام لا يخلو من الزحام الشديد طوال الوقت، لكن من يمر فيه اليوم لن يصدق ما تشاهده عيناه، فالسوق بات في حكم المغلق فعليا، حيث لا وجود لزحام المتسوقين والباعة وأصواتهم التي تضج بالمكان، وليس إلا القليل جدا من البسطات متناثرة هنا وهناك ومثلها بعض المحلات التي لا زالت تقاوم وتفتح أبوابها رغم ما تلاقيه من جور الجماعة الإرهابية، بينما الكثيرون أغلقوا محلاتهم منذ زمن وانتقلوا إلى مناطق الشرعية بما بقي لهم من رأس مال أو أفلسوا وأصبحوا في عداد الفقراء والجوعى الذين تتكدس بهم أرصفة الحديدة وترى في أعينهم البؤس والقهر وقلة الحيلة.
تدمير آخر مصادر الحياة..
ظل البحر والاصطياد السمكي آخر مصدر للرزق يساعد مواطني الحديدة على الحياة في الأعوام السابقة، لكن الوضع اختلف هذا العام كليا بعد قيام المليشيا باستهداف سفن الشحن الدولية في البحر الأحمر وتعرض الكثير من الصيادين للاستهداف ما أدى إلى توقف جزء كبير منهم عن مزاولة أعمالهم وفقد مصدر دخلهم الأمر الذي ضاعف مستوى الفقر وأفقد المدينة أحد أهم الموارد التي كانت تسهم في حركة السوق وتدر دخلا مناسبا لكثير من الأسر.