قرارات محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، الصادرة؛ ليلة أمس، قرارات مهمة تأخرت كثيرا وكان مفترض صدورها عند نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن وبعد أول طبعة جديدة للعملة.
تأخر صدور القرارات بتقديري يعود لأسباب عديدة، منها متعلقة بسياسة المحافظين السابقين للبنك وارتباط مصالحهم ومن جاء بهم بصنعاء ومليشياتها
ومنها مايتعلق بضغوط دولية وأممية لوقف أي تصعيد في الأزمة الاقتصادية وضرورة نحييد القطاع المصرفي من الصراع وفشل دبلوماسية الشرعية ومؤسساتها في إدارة القطاع المصرفي والملف الاقتصادي عمومآ.
البنك المركزي هو السلطة الوحيدة التي تمتلك صلاحية إصدار عملة نقدية وتحديد قيمتها وإلغاء وإضافة أي فئات نقدية جديدة وقراره بايداع أي فئات نقدية قديمة صادرة قبل عام ٢٠١٦ هو إعلان انتهاء للصلاحية القانونية والتداولية لتلك الفئات التي إنتهى عمرها الافتراضي وتفتت وتهالكت عمريا وزمنيا
وبالتالي فايداعها للبنوك هو حفظ لقيمتها النقدية وخدمة لأصحابها للحصول على قيمتها في أي منطقة يمنية كانت باعتبار البنك المركزي المعترف به دوليا هو الضامن لهم قيمتها النقدية، وقبل أن تصبح أوراق عديمة القيمة المصرفية القانونية بعد شهرين من الآن وحتى وان استمر التداول بها في مناطق الحوثيين، لأنها بالأخير ستصبح عملة غير قانونية محصورة على مناطق تداولها كحال العملة الصومالية في دولة صومال لاند غير المعترف بها منذ ٣٠ عاما تقريبا ولا يمكنها أن تدخل حيز القطاع المصرفي، وبالتالي لا يمكن الإستفادة منها في اي اعتماد أو تعاملات خارجية.
-ايداع العملة القديمة قي البنوك يضمن لأصاحبها إمكانية الاستفادة من قيمتها في أي منطقة يمنية كانت وبالتالي إزالة أي فوارق صرف غير قانونية تستفيد منهآ مليشيات مصنفة كجماعة إرهابية ويعيد انعاش القطاع المصرفي وتسهيل الانتقال نحو العملةالإلكترونية، كما كانت بداية التجربة الهندية في التخلص من تضخم العملة القديمة بالغائها بعد مهلة خمسين يوما لايداعها للبنوك والتحول بعدها نحو العملة الرقمية..
القرارات تعيد الاعتبار لعدن كمركز مالي تنتهي إليه الدورة النقدية ولمينائها كمنفذ استيراد رئيسي لكل مناطق اليمن، بعد إيقاف التحويلات الخارجية مع البنوك المعاقبة، شريطة تجاوب كل الجهات الحكومية المعنية مع مقتضيات القرار والعمل على إيقاف استيراد كل المواد القادمة يوميا من مناطق الحوثيين وتسحب بها المليشيات العملة الصعبة من السوق المحلية جنوبا وأهمها القات والخضروات والمياه وغيرها من المواد التي يمكن تعويضها من مناطق يمنية أخرى إضافة إلى مراقبة ومعاقبة اي عمليات مضاربة وسمسرة من شبكات وشركات الصرافة الغير مرخصة بعدن وهوامير الصرف ومافيا المضاربات وتجريف وتهريب العملة النقدية الصعبة للخارج ومناطق الهوثي.
القرارات تجعل الدولار والريال السعودي عملتي التداول بين صنعاء وعدن مع ترجيح القوة لصالح عدن باعتبار ان كل التجار والمستوردين بصنعاء مضطرين لشراء الدولار والسعودي من مناطقهم فقط إذا ما أوقفت شبكاتهم بعدن وسماسرتهم العاملين على المضاربة وتهريب العملة الصعبة من داخل الجنوب.وبالتالي فشراء الدولار والسعودي كن مناطقهم يزيد الطلب عليه فتتهاوى قيمته كما هو الحال بعدن، كون التجار المستوردين بصنعاء وماحولها مضطرين الآن للبحث عن بنوك عدن حتى تتمكن من الاستفادة من سويفتاتها المفعلة لارسال اعتماداتهم المستندية لاستيراد المواد المختلفة بعد إيقاف بنوك صنعاء الستة والبقية في الطريق مالم تستكمل اجراءات نقل مراكزها الرئيسية إلى عدن.
وطالما والتجار الشماليين مضطرين لارسال طلبات تحويل أموالهم للخارج للاستيراد بدلا من مخاطر تهريبها بالشوالات برا، فان البنك المركزي اليمني الشرعي بعدن يكون قادرا على فرض سعر صرف موحد الزامي تشجيعي للريال اليمني في الاعتمادات المستندية يلغي فوارق الصرف الوهمية بين صنعاء وعدن؛ ويلزم التجار بالاستيراد من ميناء عدن وموانئ الشرعية حصريا ، وهو ماسيضطر المليشيات للعودة مرغمة للتفاهمات الدولية حول تسوية الأزمة الاقتصادية والاتفاق على سعر صرف موحد يخدم كافة أبناء الشعب اليمني بمختلف المناطق.
القرارات صدرت بعد تفاهمات إقليمية ودولية وضوء أخضر من صندوق النقد والبنك الدوليين ردا على استمرار تعنت مليشيات الحوثيين وابتزازها للمجتمع الدولي وافشالها لكل الجهود الأممية لتسوية الأزمة الاقتصادية وتحييد القطاع المصرفي.
هناك سلسلة عقوبات أخرى أشد تلحق البنوك المعاقبة و٨ بنوك أخرى أيضا ماتزال مترددة ومتباطئة في نقل مراكزها الرئيسية إلى عدن خشية ردة فعل الحوثيين في مصادرة أصولها والبسط على فروعها بمناطق سيطرتهم.
المحافظ المعبقي يحضى بأكبر إجماع وطني داعم له للسير في عملية استعادة السيطرة على إدارة القطاع المصرفي رغم حاجته الماسة لإعادة هيكلة البنك المركزي أولا والاستفادة من هيئة خبراء ومستشارين اقتصاديين حوله وإعادة النظر في تشكيلة مجلس الادارة المعزول عن واقع حال القطاع المصرفي المختل والعاجز عن تقديم اي حلول أو سياسات مصرفية واقعية ومعالجات ممكنة لاستقرار صرف العملة المحلية.
بكل تأكيد ستكون هناك ردة فعل انتقامية من مليشيات الحوثي على القرار وموقف تعطيلي موحدة من البنوك والمصارف الموقوفة من أجل ضرب سعر الصرف بتكثيف عمليات المضاربة بالعملة وخلق طلب وهمي كبير بمناطق الشرعية للدولار والريال السعودي وتحريك خلاياها ومافياتها التعطيلية جنوبا، باعتبار أن تلك البنوك الستة المعاقبة تمثل أكثر من ثلثي رأس مال القطاع المصرفي اليمني ولها نفوذ وعلاقات وإمكانيات تفوق اليوم مالدى البنك المركزي والشرعية بكلها إذا لم يكن هناك دعم إقليمي ودولي لتلك القرارات.
بينما تبقى هناك سلبيات ونقاط ضعف لتلك القرارت يمكن الوقوف على أهمها لاحقا إذا أمكنني ذلك و على ضوء ماسيرشح كن حديث محافظ البنك المركزي في مؤتمره الصحفي المصغر بعد قليل بعدن.