تشير تسريبات في إيران إلى أن قائد فيلق القدس بالحرس الثوري إسماعيل قاآني موجود في البلاد وأن السلطات تجري معه تحقيقات معمقة لفهم الاختراقات التي قادت إلى اغتيال كبار قادة حزب الله وعلى رأسهم حسن نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين وعدد من القادة الميدانيين.
وتذكر التسريبات أن قاآني، الذي راج أنه اختفى في لبنان وأنه قد يكون قتل في ضربة إسرائيلية، أصيب بأزمة قلبية أثناء التحقيق ما دفع إلى نقله إلى المستشفى، كاشفة عن شكوك جدية في اختراق الإسرائيليين لفيلق القدس وقادته المكلفين بالإشراف على عمليات الحرس الثوري في الخارج والذين يديرون ساحات مختلفة في المنطقة من حزب الله إلى الميليشيات في اليمن والعراق وغزة.
وقالت وسائل إعلام غربية وإسرائيلية إن إيران فتحت تحقيقًا سيُستَجوب في إطاره كبار المسؤولين الإيرانيين، وإن هدف التحقيق مع قاآني هو “فهم كيف تمكنت إسرائيل من تعقب نصرالله وغيره من كبار القادة في حزب الله الذين اغتيلوا”.
فيلق القدس وقائده قاآني أكثر جهة ماسكة بأسرار حزب الله وعارفة بتحركات قياداته، ما جعلها أول المتهمين
وإذا تم التوصل إلى نتائج من خلال التحقيق مع قاآني، فإن إيران تكون قد وضعت يدها على الخيط الذي يمكن أن يقود إلى شرح أسرار الاغتيالات التي حدثت، وأثارت التساؤلات حول حجم الاختراق الإسرائيلي لحزب الله، والتي سلطت الأضواء على وقوف جهة مهمة في الحزب أو من المتعاملين معه من قادة الحرس الثوري الإيراني وراء تسريب إحداثيات دقيقة إلى إسرائيل لتنفيذ استهدافاتها النوعية، والقضاء على ما بناه الحزب خلال أعوام في عمليات دقيقة ومحدودة.
وهذا الكشف يفتح الباب لاحتمالات كثيرة بشأن مدى الاختراق ويثير التساؤل عما إذا كان بدافع الخيانة أم بدافع التمرد على توجهات القيادة أم هو مؤشر على وجود تيار آخر داخل الحرس الثوري؟
وبدأت الشكوك تحوم حول وجود عميل منذ قصف القنصلية الإيرانية في دمشق ما أدّى إلى مقتل عناصر نوعية من الحرس الثوري، ثم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران وفي ذروة الاستنفار الأمني الإيراني لنقل الرئاسة إلى مسعود بزشكيان، ولاحقا تصفية فؤاد شكر القيادي العسكري الأول في حزب الله ثم قادة فرقة الرضوان الخاصة ثم نصرالله نفسه.
وأظهرت الاغتيالات التي تمت في توقيت متقارب وتحت وقع القصف أن إسرائيل تمتلك خارطة تفصيلية لهيكلة حزب الله وتحركات قادته واجتماعاتهم. وما يعزز احتمال وجود اختراق على مستوى كبير أن العمليات كانت تتم بالرغم من استنفار حزب الله لتأمين قادته وتجنب استهدافهم، خاصة بعد مقتل إبراهيم عقيل وفريق الصف الأول لفرقة الرضوان.
وفي حال تأكد الاختراق على مستوى عال في قيادة الحرس الثوري، فإن إيران ستجد نفسها في وضع صعب أمام الإيرانيين وخاصة أمام حلفائها في “محور المقاومة” الذين كانوا يعتمدون عليها لدعمهم في مواجهة إسرائيل فإذا بالضربات القاصمة تأتي من جانبها هي وباختراق على صلة بالمنسق العام لأنشطة الميليشيات في المنطقة.
خخ
ولطالما تحرك قاآني وبعض معاونيه باتجاه لبنان والتقوا قادة حزب الله في اجتماعات سرية خاصة بعد معركة “إسناد غزة”، ما يجعل قادة فيلق القدس أكثر جهة ماسكة بأسرار الحزب وعارفة بإمكانياته وقدراته وتحركات قياداته وهيكلته السرية، وهذا ما قد يكون دفع القيادة الإيرانية إلى وضع قآاني تحت التحقيق.
واكتشاف الاختراق النوعي قد يدفع إيران إلى إعادة هيكلة فيلق القدس، مع تنحية قاآني وتكريمه من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي في الأيام القادمة.
والأربعاء نقلت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية عن إبراهيم جباري مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني قوله إن قاآني الذي يشرف على أنشطة الحرس الثوري في الخارج بخير وسيستلم وساما من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي قريبا.
حجم الاختراق الإسرائيلي لحزب الله، سلط الأضواء على وقوف جهة مهمة في الحزب أو من المتعاملين معه من قادة الحرس الثوري وراء تسريب إحداثيات دقيقة إلى إسرائيل لتنفيذ استهدافاتها النوعية
وقال مسؤولان أمنيان إيرانيان كبيران لرويترز في وقت سابق إن قاآني، الذي سافر إلى لبنان بعد مقتل الأمين العام لحزب الله في غارة جوية إسرائيلية يوم 27 سبتمبر، لم ترد عنه أي أنباء منذ أن كثفت إسرائيل قصفها على جنوب لبنان الأسبوع الماضي.
وقال جباري لوكالة تسنيم “القائد قاآني بصحة جيدة وسيستلم وسام الفتح من الزعيم الأعلى خلال الأيام المقبلة”.
والاثنين نفى إيرج مسجدي نائب قائد فيلق القدس تقارير تفيد بأن قاآني تعرض لأذى جراء الهجمات الجوية الإسرائيلية المكثفة على أهداف لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وعينت طهران قاآني قائدا لفيلق القدس -المسؤول عن المهام العسكرية والاستخباراتية للحرس الثوري في الخارج- بعد أن قتلت الولايات المتحدة سلفه قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة على بغداد عام 2020.
والأحد قلد خامنئي قائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زادة وسام الفتح لدوره الحاسم في الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل في الأول من أكتوبر الجاري.
وتمنح إيران وسام الفتح منذ عام 1989 لأبطال الحرب والقادة العسكريين والسياسيين، لاسيما أولئك الذين شاركوا في الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات في الثمانينات.