رجَّح عسكريون لجوء إيران إلى مسارات بديلة عن العراق للرد على إسرائيل، بعد تعهداتها بعدم استخدام الأراضي العراقية لمرور الصواريخ، متوقعين أن تكون اليمن والبحر الأحمر من بين الخيارات العسكرية لطهران.
وكانت وزارة الخارجية العراقية أعلنت عن حصولها على تعهدات إيرانية بعدم استخدام أراضيها للهجوم على إسرائيل، الذي استهدف مواقع عسكرية داخل إيران.
وقال وزير الخارجية فؤاد حسين في لقاء مصور، إن “إيران ترفض الرد على إسرائيل انطلاقًا من العراق”، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، تواصل مع الجانب الإيراني، الذي أكد له عدم استعمال الأراضي العراقية منطلقًا للهجوم على إسرائيل.
ويقول الخبير الأمني والعسكري فواز الطائي إن “إيران ستتخذ خيارات متعددة للرد على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مع مراعاة التوازن بين الردع، وتجنّب التصعيد إلى حرب شاملة. وفيما قررت عدم استخدام الأراضي العراقية لإطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، فإنها ستحتاج إلى البحث عن مسارات بديلة”.
وأضاف الطائي لـ”إرم نيوز”، أن “الحسابات العسكرية في استهداف الدول غير المتجاورة معقَّدة، وتتطلب مراعاة المسافات، والمجالات الجوية للدول التي ستمر منها الصواريخ والطائرات، فضلًا عن مخاطر عدم دقة الصواريخ في إصابة أهدافها”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد شن هجومًا على إيران، في 26 أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري 2024، ردًا على “الهجمات المتواصلة للنظام الإيراني ضد إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة”، بحسب بيان الجيش.
وأطلقت إيران نحو 200 صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل مطلع أكتوبر، ردًا على اغتيال إسماعيل هنية وسط طهران، وأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله في لبنان.
وتفصل طهران عن تل أبيب مسافة 1720 كيلومترًا كأقصر مسافة بين الجانبين، وهي مسافة كبيرة في الحسابات العسكرية، خاصة مع عدم امتلاك طهران للطيران، واعتمادها على الصواريخ للرد على إسرائيل، بحسب العميد المتقاعد مؤيد الجابري.
وقال الجابري لـ”إرم نيوز”، إن “عدم فتح الأجواء العراقية أمام طهران سيدفعها لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى من الأراضي الإيرانية مباشرة، حيث تمتلك بعض الصواريخ بعيدة المدى التي يمكن أن تصل إلى إسرائيل دون الحاجة للمرور عبر العراق، لكن هذا الخيار يعتمد على قدرات تلك الصواريخ، ومدى دقتها”.
وأشار الجابري إلى أن “تلك الصواريخ المباشرة من طهران ستسلك مسارات بالقرب من البحر الأحمر للوصول إلى أهدافها، وليس لها مسار آخر، وهذا سيقلل من فاعليتها نظرًا لوجود البوارج الأمريكية التي يمكن أن تتصدى لتلك الصواريخ حين تمر بالقرب منها”.
والمسار الثاني الذي يمكن أن تسلكه إيران هو البحر الأحمر أو البحر المتوسط، حيث يمكن استخدام الطائرات المسيّرة أو الصواريخ البحرية عبر المسارات البحرية لاستهداف إسرائيل من مسافة بعيدة، لكن هذا الخيار يتطلب قدرات خاصة، وقدرة على المناورة البحرية لتجنب الكشف أو الاعتراض.
وتمتلك إيران شبكة من الوكلاء الإقليميين في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن، ويمكنها توجيه هذه الجماعات لتنفيذ هجمات ضد المصالح الإسرائيلية أو حلفائها ردًا على القصف الإسرائيلي.
ومن جانبه، يرى الخبير الأمني والعسكري فاضل البدراني، “أن طهران قد تلجأ إلى اليمن، بشكل خاص، للرد على إسرائيل، حيث يمتلك الحوثيون الموالون لإيران قوة صاروخية قادرة على الوصول إلى أهدافهم، خاصة إذا استخدمت بكثافة”.
وقال البدراني لـ”إرم نيوز”، “إن الحوثيين، ومنذ العام 2012، انفتحوا بشكل كبير على طهران، وتشير كل التقارير الاستخبارية إلى أن إيران زودتهم، على مدى سنوات، بالتقنيات والمواد اللازمة لتطوير قوة صاروخية يمكنها ضرب أهداف خارج اليمن”.
وأضاف أن “طهران يمكن أن تستخدم الأراضي اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون للرد على إسرائيل، حيث ستكون مسارات الصواريخ أقل تعقيدًا، ولن تحتاج لاختراق أجواء دول أخرى”.