في حين يواصل الحوثيون بث مقاطع مسجلة لعملية تدريب طلاب المدارس على استخدام الأسلحة، وثَّقت منظمة حقوقية محلية معنية بالأطفال استخدام وزارتي الدفاع والتعليم في حكومة الجماعة الانقلابية التي لا تعترف بها مئات المدارس الحكومية والأهلية مراكزَ للتعبئة العسكرية.
ووفق ما ذكرته «منظمة ميون لحقوق الإنسان»، تم توثيق استخدام 700 مدرسة حكومية وأهلية في مناطق سيطرة الحوثيين مراكز تجنيد للأطفال وتدريبهم فيها على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وبإشراف مباشر من وزارتي الدفاع والتربية والتعليم في الحكومة غير المعترف بها.
وقالت المنظمة في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة استغلال الأطفال بصفتهم جنوداً، إنها تشعر بأسف بالغ لتصاعد أعداد الأطفال المجندين في اليمن، حيث وصلت العملية نهاية عام 2024 إلى مستويات قياسية.
وأكدت «ميون» أن أطراف الصراع، لا سيما جماعة الحوثي، مستمرة في تجنيد الأطفال الممنهج وحرمانهم من حقهم في الحياة والتعليم، وتعريضهم للموت والإصابات، وتهديد مستقبلهم، في انتهاك خطير للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، لا سيّما اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
وأوضحت المنظمة أنه على الرغم من خفض التصعيد النسبي بين أطراف الصراع منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022، فإن تجنيد الأطفال في اليمن لم يتوقف حتى أصبح أحد أكثر التطورات خطورة في الصراع منذ اندلاعه في عام 2014. وقالت إنها تدق «ناقوس الخطر» الماثل أمامنا اليوم، مؤكدة على ضرورة الحد من عمليات تجنيد الأطفال، والحد من تبعات العنف الممارس ضدهم، وضمان حماية حقوقهم وتعزيزها.
تنسيق الجهود
طالبت «ميون لحقوق الإنسان» المنظمات الدولية بتنسيق جهودها لضمان اتخاذ التدابير الكفيلة بعدم إشراك الأطفال اليمنيين في الأعمال العدائية، وتهديد مستقبلهم، في انتهاك خطير للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، لا سيّما الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ورأت المنظمة أن «النزيف المتواصل» للأطفال، والذي يصاحبه تعبئة فكرية مشبعة بالتطرف في معسكرات التجنيد والدورات الطائفية التي تعقدها جماعة الحوثي، يمثل خطورة بالغة على السلم الأهلي والتعايش المجتمعي في اليمن، ويقوض أي جهود للسلام.
ومع التصعيد العسكري منذ مطلع العام الحالي في عدد من المحافظات، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية للبلاد، واستمرار تسرب الطلاب من المدارس، قالت المنظمة الحقوقية إن اليمن أصبح «بيئة خصبة» لتجنيد المزيد من الأطفال دون عوائق، في انتهاك جسيم لاتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري.
وفي سبيل الحد من عمليات تجنيد الأطفال في الصراع المسلح، والحد من تبعات العنف الممارس ضدهم، وضمان حماية وتعزيز حقوقهم، أكدت المنظمة الحقوقية أن ذلك يستلزم وقفة جادة من الجميع، وفي المقدمة المنظمات الإقليمية والدولية، مطالبة بتنسيق جهودها لضمان اتخاذ التدابير الكفيلة بعدم إشراك الأطفال في الأعمال العدائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
قلق عميق
من جهتها، عبرت «مؤسسة شركاء المستقبل» عن قلقها العميق واستيائها من الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الجماعة الحوثية في اليمن من خلال تجنيد الأطفال والزج بهم في جبهات القتال.
وقالت المؤسسة إن هذا الاستغلال يُعدّ انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية، ويشكل تهديداً لمستقبل الأطفال الذين يُفترض أن يكونوا في المدارس، لا في ساحات المعارك.
وأعادت المؤسسة التذكير بأن الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، تؤكد على ضرورة حماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال والعنف.
ومع ذلك، فإن ما يحدث في اليمن – بحسب المؤسسة الحقوقية – يُظهر تجاهلاً تاماً لهذه الالتزامات الدولية، حيث يُجبر الأطفال على حمل السلاح والمشاركة في النزاعات المسلحة؛ ما يعرضهم لمخاطر جسيمة، ويؤثر سلباً على صحتهم النفسية والجسدية.
ورأت المؤسسة أن سوء المعاملة التي يتعرض لها الأطفال المجندون تتضمن التعذيب، والحرمان من الحقوق الأساسية، والافتقار إلى التعليم والرعاية الصحية. إن هذه الظروف تؤدي إلى تفاقم معاناتهم وتدمير مستقبلهم.
وناشدت المجتمع الدولي وكل الأطراف المعنية التحرك الفوري لحماية الأطفال من هذه الانتهاكات. وقالت المؤسسة إن على دول العالم والمنظمات الإنسانية تقديم الدعم اللازم لإعادة تأهيل الأطفال المتأثرين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الجسيمة.
وذكرت «مؤسسة شركاء المستقبل» أن الأطفال هم أمل المستقبل، ويجب العمل لحمايتهم من ويلات الحروب والنزاعات، وشددت على وجوب استجابة جماعية تضمن أن يعيش الأطفال في بيئة آمنة، حيث يمكنهم التعلم والنمو بحرية، بعيداً عن الصراعات والحروب البينية.