منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية–الإيرانية، برزت ميليشيا الحوثي كمجسّد واضح لحالة التبعية المطلقة لطهران، غير مبالية بالكوارث التي تحل على اليمنيين يوماً بعد يوم بسبب تداعيات تورطها المتزايد في النزاعات الإقليمية.
ففي حين أن البلاد ترزح تحت أزمات اقتصادية وإنسانية متفاقمة، يتجه الحوثيون نحو خيار التصعيد والمجاهرة بالولاء السياسي والعسكري لإيران، حتى ولو كان الثمن هو المزيد من الدمار والتجويع. حيث كثفت الميليشيات من هجماتها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة تجاه إسرائيل، محاولة منها للبروز كذراع عسكري رئيسي لطهران في الجزيرة العربية.
في مايو الماضي؛ أعلنت ميليشيا الحوثي استسلامها عقب ضربات موجعة تلقتها من الولايات المتحدة الأمريكية ردًا على العمليات الإرهابية التي تنفذها الميليشيات ضد السفن التجارية والسفن الأمريكية المارة في مياه البحر الأحمر وباب المندب. إلا أن الحوثيين بدأت بالتلويح علنيًا بنقض الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة إقليمية، تنفيذاً لرغبات إيرانية، الأمر الذي يهدد بموجة جديدة من التصعيد. ويُعد هذا التوجه دليلاً إضافياً على التبعية العمياء لطهران، على حساب المصلحة الوطنية اليمنية.
ففي تدوينة على منصة “إكس”، حذر القيادي البارز في الميليشيات، محمد علي الحوثي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من مغبة مهاجمة إيران، مهدداً بأن القاذفات الأمريكية “B2” لن تحسم المعركة في العمق الإيراني كما لم تحسمها في اليمن، على حد تعبيره.
وقال الحوثي في تدوينته: “الكيان المؤقت يعمل على الزج بأمريكا في عدوان عسكري مباشر.. ونحذر ونذكر ترامب ان قاذفات B2 لن تستطيع الحسم في الأعماق الإيرانية كما جربت في اليمن… مشاركته لعدوان وإجرام نتنياهو سيعرض مصالح أمريكا لتدمير لا حاجة له…”.
ويرى المراقبون ان هذا الخطاب المتماهي مع السياسة الإيرانية، يكشف حجم الانخراط الحوثي في الأجندة الإقليمية، متجاوزاً كل الاعتبارات الوطنية، ومؤكداً أن ولاء الجماعة لم يعد لليمن، بل لمن يدعم بقاءها بالسلاح والمال. ويؤكد المراقبون أن الحوثيين ومنذ اندلاع الحرب على غزة، سعوا إلى استغلال القضية الفلسطينية عبر شعارات “المناصرة”، لكن هذه الشعارات لم تحقق أي مكاسب للفلسطينيين، بل ارتدت سلباً على اليمنيين أنفسهم. فبدلاً من إيصال الدعم إلى غزة، تم توجيه القدرات العسكرية نحو تأجيج الصراع، وهو ما استدعى ردوداً عسكرية ألحقت دماراً بالبنية التحتية اليمنية، واستهدفت منشآت خدمية حيوية.
في المقابل، حمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني ميليشيا الحوثي كامل المسؤولية عن أي تداعيات كارثية قد تطال البلاد نتيجة هذا النهج التصعيدي. مؤكداً أنها “تزجّ البلد وشعبه في صراعات إقليمية مدمرة”.
وأوضح أن أعمال الحوثيين المتهورة تُنذر بمضاعفة عسكرة الممرات المائية، وتعريض الأمن الغذائي لمزيد من التهديد، إضافة إلى تعميق المعاناة الإنسانية في مناطق سيطرتهم التي تعاني أصلاً من انهيار اقتصادي وخدمي.