تشكل إعادة الهيكلة التي طالت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، مساء الاثنين، أكبر تحول في تاريخ المجلس منذ تأسيسه في مايو 2017. ويرى مراقبون أن إعادة الهيكلة التي جاءت عقب الحوار الوطني الجنوبي ستكون لها تداعياتها على المشهد اليمني الذي يمر بمنعطف حرج، مع الحديث عن قرب استئناف المشاورات السياسية بين الأطراف اليمنية حول التسوية النهائية واستحقاقات مرحلة ما بعد الحرب.
وأصدر رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي سلسلة من القرارات تضمنت إعادة تشكيل الهيئات القيادية في الانتقالي، واستحداث هيئات جديدة، وتم بموجب هذه القرارات تعيين ثلاثة نواب للزبيدي في المجلس، من بينهم عضوان في مجلس القيادة الرئاسي هما عبدالرحمن المحرمي وفرج البحسني، إلى جانب اللواء أحمد سعيد بن بريك.
وعين الزبيدي 23 عضوا جديدا في المجلس الانتقالي، بينهم قادة مكونات جنوبية شاركت في اللقاء التشاوري الجنوبي، إلى جانب قيادات عسكرية وسياسية وقبلية جنوبية بارزة مثل اللواء هيثم قاسم طاهر وزير الدفاع الأسبق في أول حكومة بعد وحدة 1990، ونائب وزير الداخلية علي ناصر لخشع، ومحافظ المهرة السابق راجح بن كريت، والشيخين القبليين البارزين عبدالرب النقيب وعبدالله آل عفرار.
وتضمنت القرارات التي أصدرها الزبيدي تعيين رؤساء لعدد من هيئات المجلس، ومن أبرزهم ناصر الخبجي رئيسا للهيئة السياسية وشؤون وحدة المفاوضات، وسالم العولقي رئيسا لهيئة الإعلام، إلى جانب رؤساء لهيئات الاقتصاد والخدمات، والمجتمع والمرأة والشباب والتدريب والتأهيل والإغاثة الإنسانية ودعم صناعة القرار والتطوير المؤسسي.
واشتملت قرارات رئيس المجلس الانتقالي على قرار باستحداث القيادة التنفيذية العليا لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي والتي تضم في عضويتها وزراء الجنوب في حكومة المناصفة ومحافظي محافظات الجنوب ومن يرى رئيس المجلس ضرورة إضافته لعضويتها.
كما أصدر الزبيدي قرارا بتشكيل “مجلس المستشارين” بالمجلس الانتقالي الذي يضم في عضويته 392 عضوا، ويعتبر المجلس وفقا لقرار إنشائه “هيئة مركزية استشارية لرئيس المجلس وهيئة الرئاسة وهيئاته المركزية؛ والغرفة التشريعية الثانية للمجلس إلى جانب الجمعية الوطنية”، ويضم المجلس أعضاء من المكونات الجنوبية حديثة الانضمام للانتقالي مع مراعاة التوزيع الجغرافي والسكاني للجنوب.
وبموجب قرارات إعادة الهيكلة التي أصدرها عيدروس الزبيدي، يتحول المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مظلة تضم عددا من أبرز المكونات والقوى الجنوبية، كما يصبح الانتقالي ممثلا بحسب التحولات الجديدة، بثلاثة أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي.
وتعزز هذه القرارات من حضور المجلس الانتقالي وقوته الشعبية والسياسية بعد توسيع دائرة المشاركة فيه، وهو الأمر الذي ينعكس على موقف المجلس كممثل للجنوب في أي مشاورات سياسية قادمة حول الحل النهائي للأزمة اليمنية، التي يطالب الجنوبيون بأن تتضمن حقهم في تقرير مصيرهم واستعادة دولة الجنوب إلى حدودها ما قبل اتفاق الوحدة اليمنية في مايو 1990.
واعتبر سالم ثابت العولقي، رئيس هيئة الإعلام في المجلس الانتقالي الجنوبي، أن “هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي تأتي للارتقاء بالعمل السياسي والتنظيمي والجماهيري وتعزيز ممارسات العمل المؤسسي لكافة الهيئات والإدارات وبما يتناسب مع تطلعات الجنوب وأبنائه نحو الأمن والاستقرار، ويحافظ على المكتسبات الوطنية ويعززها في مواجهة التحديات”.
ولفت العولقي في تصريحات لـ”العرب” إلى أن عملية الهيكلة جاءت بالتوازي مع الحوار الوطني الجنوبي لتجسيد الإرادة الصادقة لقيادة الانتقالي لاستيعاب الجميع، بما يعزز وحدة الصف الجنوبي ومواجهة الاستحقاقات القادمة، مشيرا إلى أنه ستتبع ذلك عملية هيكلة لقوات الجيش والأمن الجنوبي في إطار التوجه لتقوية أداء المؤسسات الوطنية وتنظيمها.
وحول رؤيته لقرارات هيكلة المجلس الانتقالي وانعكاسها على المشهد السياسي برمته، أشار الباحث السياسي اليمني سعيد بكران إلى أن خطوات المجلس الانتقالي، علاوة على تأثيراتها الإيجابية في الداخل الجنوبي وترتيب الأوراق الوطنية الجنوبية، هي أيضا تعني تفاعل المجلس الانتقالي بذكاء وفاعلية مع التوجه العام في الإقليم الذي يمضي نحو التفاهمات والحوار لصنع السلام، في الوقت الذي يعجز فيه الحوثيون بصنعاء عن تقديم أي تفاعل أو مواءمة بين نهجهم والمسار الجديد في المنطقة.
ولفت بكران في تصريحات لـ”العرب” إلى أن خطوات الانتقالي في عدن تشكل إلهاما لقوى الشمال، حيث إن عدن كانت تاريخيا تشكل مصدر إلهام وطني للقوى الوطنية والتقدمية شمالا.
وقال الباحث “على عكس ما تروج له القوى الإسلامية ممثلة بالحوثيين والإخوان بأن خطوات الانتقالي في الحوار والهيكلة موجهة ضد الشمال، فإن تحركاته في عدن تفتح للشمال والجنوب معا طريقا جديدا ومسارا ملهما، وهي في مضمونها رفض للانعزالية والانفصال الذي تشكله القوى الحركية الإسلامية اليمنية خمينية أو إخوانية، حيث كانت وحدة الجنوب في إطار مشروع وطني لدولة مدنية فيدرالية اتحادية حديثة، يرعب القوى الإسلامية المسيطرة شمالا ويعزز خشيتها من التقاط القوى الوطنية الشمالية طرف الخيط الانتقالي الجنوبي والتداعي لحوار وطني شمالي – شمالي والخروج بمشروع وطني يجتمع عليه الشمال”.