على مدار الأيام الماضية، شن ناشطون إخوان على مواقع التواصل الاجتماعي حملة منظمة هاجمت الحكومة ووزارة الاتصالات تحت مزاعم بيع شركة “عدن نت” الحكومية لصالح شركة إماراتية، إلا أن الحملة تعكس في حقيقتها الصراع الخفي للاستحواذ على قطاع الاتصالات بالمناطق المحررة.
هذه الحملة ردت عليها وزارة الاتصالات، الخميس، عبر تصريح مطول لـ”مصدر مسئول” بالوزارة نشره إعلامها على “الفيس بوك”، أشار فيه إلى وجود مفاوضات بدأت منذ أكثر من عام حول مشروع استثماري لتأسيس شركة اتصالات مع المستثمرين في دولة الإمارات، مؤكداً بأنها قطعت شوطاً كبيراً وأنها تجري عبر “فريق فني وقانوني متمكن اختير بعناية”.
المصدر قال إن هذا المشروع ستساهم فيه “شركات عالمية كبيرة كان لها دور كبير في تطوير قطاع الاتصالات بالمنطقة وفق خطة انتشار تم دراستها بعناية بمشاركة كثير من المختصين”، بهدف “إطلاق شركة بتقنيات متطورة وشبكة ذات خدمة عالية المستوى تقدم خدماتها للمواطن ولجميع القطاعات الخدمية”.
في حين هاجم المصدر الحملة الإخوانية ضد الوزارة، دافع عن المشروع بالقول بأنه “جرى مناقشة مختلف الخيارات ومن ذلك الشراكة وليس البيع كما يروج له ضعفاء النفوس بحيث يتم تطوير وتوسعة مشروع عدن بحيث يتم الاستثمار في هذا المشروع وفقاً لقانون الاستثمار اليمني والقوانين النافذة في الجمهورية اليمنية”، حسب قوله.
الاتهامات الموجهة للحكومة والوزارة حول هذه القضية ليست بجديدة، حيث سبق وأن أطلقها رجل الأعمال الإخواني النافذ/ أحمد العيسي قبل نحو 3 أشهر في لقاء مع قناة “المهرية” الإخوانية، اتهم فيها رئيس الوزراء معين عبدالملك بجملة من الاتهامات حول قضايا فساد من بينها بيع 70% من شركة “عدن نت” لصالح شركة NX الإماراتية.
هذه الاتهامات دفعت برئاسة مجلس النواب إلى تشكيل لجنة من أعضائه للتحقيق حول صحتها، والتقت اللجنة في مارس الماضي برئيس الوزراء معين عبدالملك الذي نفى توقيع عقد مع الشركة الإماراتية، وقال إن مجلس الوزراء أقر “مسودة مذكرة التفاهم” مع الشركة فقط.
معين دافع عن هذه الخطوة بتوجيه سؤال لأعضاء اللجنة البرلمانية عن استعداد أي مستثمر للاستثمار في بنية الاتصالات في اليمن بمبلغ (860) مليون دولار، بحسب نص محضر اللقاء الذي نشرته إحدى الصحف المحلية، وكان لافتاً ما قاله الرجل في سياق رده على هذه القضية، وطلبه من اللجنة أن تسأل عن طريقة منح شركة “Y” لرخصة الجيل الرابع بممارسة نشاطها باستئجار بنية عدن نت بشخطة قلم من الرئيس السابق هادي، في حين حرمت منها شركة (سبأفون).
معين الذي قال بأن شركة “Y” هي ثمرة المكاسب التي جناها العيسي من تجارة المشتقات النفطية، وجه رسالة تحذير للرجل عبر التذكير بقدرته على إيقاف عمل الشركة ساخراً من أن العيسي “لم يعد لديه اليوم قوة في عدن”، هذا التحذير والسخرية دفعت العيسي للرد عبر الحملة الإخوانية التي أحيت اتهامات الرجل السابقة لمعين وحكومته ببيع شركة عدن نت.
ما سبق ربما يرسم مشهداً للصراع الخفي الدائر للظفر بالسيطرة على قطاع الاتصالات بالمناطق المحررة، ويقدم التفسير الوحيد للتعثر الغامض الذي تعاني منه كل محاولات إنشاء شركات اتصالات بهذه المناطق تقدم خدمات الجيل الرابع بعيداً عن سيطرة جماعة الحوثي.
ابتداءً بشركة “عدن نت” الحكومية التي دشنت منتصف 2018م بتكلفة ضخمة تتجاوز 100 مليون دولار وظلت منذ 5 سنوات محصورة في مدينة عدن ومؤخراً المكلا وبـ20 ألف مشترك فقط، مروراً بشركة “سبأفون” التي أعلنت انفصالها بالمناطق المحررة ونقل إدارتها إلى عدن، وانتهى بها الأمر إلى حالة شبه ميتة بشركة تقدم خدمة الاتصال بين عملائها فقط ودون أن تحصل على خدمة الجيل الرابع.
وانتهاءً بأحدث هذه المحاولات وهي شركة “Y” التي دُشنت في العاصمة عدن أواخر العام الماضي على وعد أن تتوسع في تقديم خدمة الجيل الرابع إلى كافة المناطق المحررة، دون أن تفي بذلك، بل إن خدماتها لمشتركيها في عدن شهدت تدهوراً كبيراً خلال الأشهر الثلاثة الماضية.