صعدت جماعة الحوثي المدعومة من إيران من هجومها ضد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة على خلفية قراره إيقاف برنامج المساعدات الغذائية بمناطق سيطرة الجماعة.
وأعلن البرنامج الأممي مطلع الشهر الجاري هذا القرار الذي وصفه بـ”الصعب”، جراء محدودية التمويل وعدم التوصل إلى الاتفاق مع الحوثي من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للأسر الأشد ضعفاً واحتياجاً، وفق بيان صادر عنه.
وفي حين أشار البرنامج إلى استمرار تقديم المساعدات بالمناطق المحررة، كشف أن وقفها بمناطق جماعة الحوثي جاء بعد ما يقرب من عام من المفاوضات مع الجماعة لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق لخفض عدد الأشخاص المستفيدين من المساعدات من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون شخص.
ولاقى القرار هجوماً وحملة شرسة من قبل جماعة الحوثي التي تتهمها تقارير أممية ودولية بعرقلة وصول المساعدات إلى مستحقيها بمناطق سيطرتها ونهبها كميات منها لصالح قياداتها.
وجددت الجماعة هجومها على البرنامج الأممي خلال الساعات الماضية، وحاولت ربط الأمر بالهجمات التي تشنها ضد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر تحت مزاعم مساندة الشعب الفلسطيني.
ونقل إعلام الحوثي اليوم السبت، تصريحات لرئيس حكومة الجماعة في صنعاء، غير المعترف بها، عبدالعزيز بن حبتور، هاجم فيها بشدة برنامج الغذاء العالمي وقال بأنه “جزء من آليات منظومات النظام الرأس مالي المتوحش”.
وزعم بن حبتور أن قرار برنامج الغذاء العالمي حرمان الفئات المستفيدة من المساعدات بمناطق سيطرة الجماعة “مرتبط بالموقف السياسي والعسكري لها المُناصر لغزة”، داعياً البرنامج للعدول عن قراره “وعدم إخضاع المساعدات للسياسة وربطها بالأجندات الأمريكية اللّاإنسانية”، حد زعمه.
إعلام الحوثي نقل أيضاً تصريحات للمدعو طلعت الشرجبي المعين من قبل الجماعة ناطق “المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية”، وصف فيها قرار برنامج الغذاء بأنه إجراء عقابي “يعكس مدى الهيمنة الأمريكية على المنظمات الدولية والأممية المختلفة”.
وفي حين اعتبر الشرجبي استمرار البرنامج في تقديم المساعدات بالمناطق المحررة بأنه دليل على عدم وجود خفض بالتمويلات، قال إن البرنامج “أمام اختبار حقيقي إما أن يكون برنامجا أمميا يُنفّذ سياسة الأمم المتحدة أو أن يكون أداة سياسية أمريكية”.
هذه المزاعم كررها زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبدالملك الحوثي، حيث زعم بأن أمريكا تحارب جماعته “في المساعدات الإنسانية حتى بالغذاء الذي كان يقدم عبر برنامج الغذاء العالمي والأمم المتحدة”.
صراخ زعيم الحوثي من نقص المساعدات جاء في ختام خطابه الأخير يوم الأربعاء 20/ 12/ 2023، والذي وجه فيه تهديدات بتفجير الوضع عسكرياً ومواجهة أمريكا والغرب في حالة التصدي لهجمات مليشياته على السفن التجارية بالبحر الأحمر.
تناقض صارخ بين لغة التهديد ولغة التسول في خطاب الجماعة وزعيمها الموجه للعالم، يعكس حجم المأساة التي يعاني منها اليمنيون وما خلفته الحرب من وضع مأساوي كارثي دفع بهم إلى حافة الجوع والفقر، بحسب التقارير الدولية.
أحدث هذه التقارير، ما صدر عن البنك الدولي الأسبوع الماضي وأكد فيه بأن انعدام الأمن الغذائي في اليمن يعد التحدي الأكثر إلحاحاً الذي يواجه اليمن اليوم في ظل الحرب وارتفاع معدلات التضخم وتغير المناخ.
وأوضح البنك في تقريره أن عدد اليمنيين الذين يعانون من الجوع يومياً ارتفع من 10.6 ملايين إلى 17 مليوناً منذ بدء الحرب في عام 2014. وأن معالجة انعدام الأمن الغذائي يتطلب استجابة متعددة القطاعات.
وضع إنساني كارثي ومأساة يعاني منه اليمنيون بسبب الحرب التي أشعلتها الجماعة عام 2015م، إلا أنها اليوم تتجاهل ذلك من خلال إصرارها على الزج باليمنيين في مواجهة وحرب مع العالم من خلال تهديد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وباب المندب.