✍️ مقال لـ : صالح شائف
نبض الشـــــــــارع الشبواني – متابعة
الأربعاء، الموافق 11 ديسمبر 2024
بغض النظر عن حجم التآمر على سوريا ومنذ فترة ليست بالقصيرة؛ وهي المؤامرات التي وقف خلفها قوى وأطراف إقليمية ودولية معروفة – ومنها عربية- عبر الدعم السياسي والعسكري والإعلامي والتمويل المالي؛ وتوفير الملاذات الآمنة لعدد من الحركات والتنظيمات الإرهابية؛ إلا أن هناك عوامل وأسباب داخلية مكنت هذه الأطراف من إسقاط النظام عبر أدواتها؛ لا إنتصارًا للشعب السوري العظيم؛ ولكن لمصالحها الخاصة وخدمة لإستراتيجيتها المتعلقة بتنفيذ مخطط ( الشرق الأوسط الجديد ) الذي سيمكن الكيان الدموي اللقيط في إسرائيل من الإقدام على المزيد من التوسع في الأراضي العربية؛ ومواصلة العربدة وإذلال وإبتزاز المزيد من الدول العربية.
فسقوط نظام الأسد في سوريا وعلى ذلك النحو المتسارع والدراماتيكي؛ يعكس وعلى نحو ساطع بأنه قد فقد كل مبررات وجوده وإستمراره؛ وبلغ عدم القبول به شعبيًا ووطنيًا إلى أعلى درجات الرفض؛ والرغبة الجامحة في التغيير الشامل بحثًا عن مستقبل أفضل لسوريا وشعبها؛ وهو ما مهد وسهل إجتياح الفصائل المسلحة للمدن والمحافظات السورية تباعًا ووصولا إلى دمشق؛ بل أن الجيش والأجهزة الأمنية قد أتخذت نفس موقف الشعب؛ ولم تقاتل دفاعًا عن نظام حزب البعث وعائلة الأسد.
ولقد كان اللافت والمثير للدهشة والتساؤلات الكبرى والتأمل كذلك؛ بأن حلفاء الأسد أيضًا قد تخلوا عنه تمامًا في لحظة تاريخية مصيرية؛ وفضلوا الحفاظ على مصالحهم على مصلحة نظام الأسد؛ لأن الرهان على إصلاحه في نظرهم قد بات منعدمًا؛ وبأن ترميمه أصبح صعبًا بل ومستحيلًا.
فقد ماطل ورفض وتجاهل كل المبادرات والمقترحات والقرارات الدولية؛ والدعوات المخلصة الهادفة للمصالحة مع القوى الوطنية السورية الحقيقية؛ الشرعية المدنية الطابع والمعتدلة؛ آملًا بالإتفاق معها على أسس وقواعد التغيير المطلوبة دستوريًا لبناء نظام ديمقراطي جديد؛ يضمن حقوق الجميع بالقانون؛ ويوحد إرادة السوريين وبالصورة التي تضمن تحصين سوريا والدفاع عنها؛ لكن كل الجهود التي بذلت بهذا الإتجاه قد أفشلها النظام.
وهنا نتساءل وفي ظل هذه الظروف التي نمر بها؛ هل هناك من يتعض من هذا الدرس البليغ الذي قدمته الحالة السورية؟ ويستوعب بوعي وعمق؛ بأن الرهان على الحلفاء وبأي صفة كانوا؛ أو الإعتماد على قاعدة شعبية لم يتم الحفاظ عليها؛ ولم تعد معه بعد أن فقدت الأمل والثقة به.
وكان ذلك نتيجة طبيعية للتردد في إتخاذ خطوات للتصحيح والإصلاح الجاد والشامل؛ وفي الوقت الذي كان مطلوبًا أن أن يتم ذلك؛ ولهذه الأسباب فلن يكون مصير الحالات المشابهة غير نفس مصير الأسد ونظامه؛ وقد تختلف فقط بالوسائل والأدوات؛ وبما سيترتب عليها من مآلات مفتوحة على كل الإحتمالات والخيارات المجهولة النتائج.
إن ما حدث في سوريا لن يكون إلا مرحلة جديدة من مراحل المخطط الكبير الذي يستهدف المنطقة العربية بكاملها؛ ولن تتوقف تداعياته عند حدود سوريا كما يعتقد بعض ( المنبطحون ) من العرب وما أكثرهم؛ وسيشربون من ذات الكأس ولو بعد حين.
وفي نفس الوقت فإننا نتمنى أن يتجاوز الشعب السوري الشقيق التداعيات المترتبة والمحتملة عن سقوط النظام وأخطرها الإنفلات الأمني وشيوع الفوضى – لا سمح الله – وأن ينتصر بالعقل والحكمة لحاضره ومستقبلة؛ بعيدًا عن قوى الإرهاب والتطرف وأطماع الطامعين وأحلام العثمانيين الجدد.