مع مواصلة ميليشيات الحوثي الإرهابية تقويضها لمختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لإحياء الهدنة في اليمن، حذرت أوساط أممية، من تصاعد خطر الألغام التي يزرعها مسلحو العصابة الانقلابية، حول عدد من جبهات القتال، وذلك في ظل تصاعد الخسائر البشرية الناجمة عن اللجوء إلى هذا السلاح المحظور استخدامه ضد المدنيين، خلال الشهور التي طُبِقَت فيها التهدئة.
فبحسب تقديرات كشف عنها تقرير أعده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تشكل هذه الألغام ومخلفات الذخائر غير المنفجرة، أحد الأسباب الرئيسة لسقوط ضحايا بين المدنيين في مختلف أنحاء اليمن، خاصة في الفترة التي صمدت فيها الهدنة، بين الثاني من أبريل ومطلع أكتوبر الماضييْن.
فخلال هذه الشهور الست، أدى انفجار الألغام الأرضية، التي يُنحى بالمسؤولية في زرعها على المسلحين الانقلابيين، وكذلك الذخائر التي تخلّفت دون أن تنفجر جراء هجماتهم العدوانية على المناطق الأهلة بالسكان، إلى سقوط نحو 350 من المدنيين اليمنيين، بينهم 95 قتيلاً، و248 جريحاً.
ووفقاً للتقرير الذي نشره موقع «ريليف ويب» الإلكتروني التابع للأمم المتحدة، يزيد هذا العدد بنسبة تصل إلى 20 في المئة تقريباً، عن نظيره المُسجل في الستة أشهر السابقة لبدء سريان التهدئة، التي تم التوصل إليها برعاية أممية، والذي لم يتجاوز 248 قتيلاً وجريحاً، منهم 101 لقوا حتفهم و147 مصاباً.
وفي إشارة واضحة إلى مسؤولية الميليشيات الحوثية عن سقوط هذا العدد من المدنيين، أشار التقرير الأممي، إلى أن المناطق اليمنية الأكثر تضرراً من انفجارات الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة، هي تلك الواقعة حول خطوط المواجهة الأمامية، في محافظتيْ الحديدة والجوف، اللتين صعَّد فيهما المسلحون الانقلابيون اعتداءاتهم، خلال الشهور القليلة الماضية.
ويفيد التقرير بأن العدد الأكبر من ضحايا انفجار الألغام الحوثية في فترة الهدنة، سقط خلال شهر يوليو، الذي سُجِلَ فيه مقتل وجرح 51 من هؤلاء الأشخاص، يليه سبتمبر بـ 43 قتيلاً ومصاباً، ثم يونيو بـ 40 ضحية.
وفي حين نقل التقرير عن ممثلي منظمات إغاثية دولية دعوتهم إلى ضرورة تكثيف الجهود الرامية لإجبار كل الأطراف على دعم مساعي إعادة إرساء الهدنة في اليمن، طالب حقوقيون بتطبيق مبادئ «العدالة الانتقالية»، التي تفتح الباب أمام مساءلة الميليشيات الحوثية عن جرائمها بحق المدنيين اليمنيين، خاصة في ما يتعلق بالخسائر الناجمة عن عمليات زرع الألغام بشكل عشوائي، في مناطق متاخمة للكثير من المدن والقرى والبلدات.
فبحسب مصادر مستقلة، أقدم المسلحون الانقلابيون على نشر تلك الألغام في 18 محافظة تقريبا من المحافظات اليمنية الـ 23. كما أن الشواهد تشير إلى أنهم لجؤوا إلى تلك الوسيلة الشيطانية بكثافة هائلة، على نحو جعل من العسير على الخبراء المستقلين، إحصاء عدد الألغام التي زرعها الحوثيون على جبهات القتال أو بالقرب منها، أو حول المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وقبل أسابيع من انقضاء الهدنة في الثاني من الشهر الماضي، قال عاملون في منظمات مسؤولة عن نزع الألغام في اليمن، إن عددها قد لا يقل عن 800 ألف لغم أرضي، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، الذي يحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد، وهي النمط الأكثر شيوعاً، الذي يَعْمَد الحوثيون إلى اللجوء إليه.
وبجانب ما ينجم عن انفجار تلك الألغام من خسائر بشرية، أدى زرع الكثير منها، في الأراضي الزراعية وحول مصادر المياه، إلى منع المزارعين اليمنيين، من الوصول إلى أراضيهم، وحرمانهم أيضاً من الانتفاع بالموارد المائية التي تمس الحاجة إليها، في وقت تشح فيه واردات المواد الغذائية القادمة من الخارج، بفعل تبعات الأزمة الأوكرانية.
ويحذر الخبراء، من أن زرع الألغام الأرضية «الحوثية» في المناطق الريفية اليمنية وحول شبكات المياه، يحول أيضاً دون أن تحصل الأراضي الزراعية الواقعة هناك، على الرعاية المطلوبة أو الري اللازم، بما يُخلِّف أضراراً طويلة الأجل، سيتواصل تأثيرها، طالما لم يتم نزع تلك المتفجرات.