مثلت حادثة استشهاد العميد عبداللطيف السيد، قائد قوات الحزام الأمني في أبين، الخميس، ذروة الخسائر التي تتكبدها القوات الجنوبية في معركتها المستمرة ضد التنظيمات الإرهابية منذ أشهر.
واستشهد السيد أثناء قيادته للحملة الأمنية التي أطلقتها القوات الجنوبية يوم الأحد، لاستكمال تطهير محافظة أبين من العناصر الإرهابية وحملت اسم (سيوف حوس) على اسم الشهيد توفيق علي منصور الجنيدي (حوس) مؤسس اللجان الشعبية بمديرية لودر بمحافظة أبين وقائد معركة تحريرها من العناصر الإرهابية عام 2011م.
العملية تأتي استكمالاً للعملية التي أطلقتها القوات الجنوبية في المحافظة في أغسطس من العام الماضي، ونجحت في تطهير مساحات واسعة من المديريات الوسطى بالمحافظة من العناصر الإرهابية بالسيطرة على أهم معسكراتها ومعاقلها وعلى رأسها وادي عومران.
هذه النجاحات كان ثمنها تضحيات باهظة تكبدها القوات الجنوبية المشاركة في الحملة، بعد لجوء عناصر التنظيمات الإرهابية إلى أساليب الكمائن وزرع العبوات الناسفة لاستهداف آليات وعناصر الحملة، تسببت بمقتل نحو 100 من عناصر القوات الجنوبية بينهم قيادات وفق مصادر عسكرية.
فاتورة موجعة تعكس شراسة المعركة التي تخوضها القوات الجنوبية ضد التنظيمات الإرهابية، والتي يؤكد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي بأنها “معركة مصيرية ومستمرة ولا تراجع عنها”، بحسب تصريحه خلال اجتماع عقده أواخر الشهر الماضي مع القيادات العسكرية والأمنية بمحافظة ابين.
ويرى الانتقالي أن التضحيات التي تقدمها القوات الجنوبية “تدرأ خطر الإرهاب على المنطقة، وممرات الملاحة العالمية”، داعياً “دول الإقليم والمجتمع الدولي، لتقديم الدعم اللازم للقوات المسلحة الجنوبية في هذه المعركة، التي توجّه لحماية الممرات والمصالح الدولية بالمنطقة”، بحسب اجتماع لهيئة رئاسة المجلس مطلع الشهر الجاري.
وفي حين يدعو الانتقالي دول الإقليم والمجتمع الدولي لدعم القوات الجنوبية في معركتها ضد الإرهاب، يتساءل نشطاء جنوبيون عن الدعم الرسمي من قبل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وعدم تبني المعركة التي تخوضها القوات الجنوبية ضد الإرهاب بشكل واضح ولو إعلامياً.
حيث تمتنع وسائل الإعلام الرسمية عن تناول ونشر كل ما يتعلق بالحملات التي أطلقتها القوات الجنوبية لملاحقة العناصر الإرهابية، بل تتجاهل حوادث استهدف هذا العناصر للقوات الجنوبية كما حصل بحادثة استشهاد السيد، حيث اكتفت وسائل الإعلام الرسمية بنشر تعازي رئيس وأعضاء المجلس والحكومة باستشهاد الرجل.
هذا التجاهل يراه النشطاء الجنوبيون استمرارا للخذلان الرسمي للقوات الجنوبية بمعركتها ضد الإرهاب، رغم ما تعانيه من صعوبات لوجستية منذ عام 2019م، على رأسها معضلة الرواتب والتغذية والذي تعاني منه القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي ولا تتلقى أي دعم رسمي من قبل مجلس القيادة أو الحكومة أو وزارة الدفاع.
بالمقابل كشفت وثيقة رسمية عن توجيهات لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى الحكومة بصرف موازنة تغذية للجيش التابع لوزارة الدفاع لثلاثة أشهر بمبلغ 31 مليار ريال، أي نحو 10 مليارات ريال شهرياً، على الرغم من حقيقة أن غالبية الجبهات والمساحة المحررة على الأرض تسيطر عليها قوات خارج قوام الوزارة ولا تشملها هذه الموازنة.
هذه التوجيهات الرئاسية بالإنفاق على جيش الشرعية والذي تطاله اتهامات أن غالبية قوامه “وهمية” على الرغم من الأزمة المالية التي تدعيها حكومته في حين تمتنع عن تقديم أي دعم للقوات الجنوبية، يراه نشطاء الجنوب ضربة إضافية توجه إلى الشراكة القائمة بين القوى المنضوية في إطار مجلس القيادة الرئاسي ويعزز الشعور بالخذلان للجنوبيين وقواتهم المسلحة في المعركة ضد الإرهاب.