كشف الخطاب الأخير لزعيم الجماعة الحوثية عن حجم الصعوبة التي باتت تواجهها الجماعة في الاستمرار بتنظيم الفعاليات التي تقيمها أسبوعياً في مناطق سيطرتها تحت لافتة فلسطين.
وتُجبر الجماعة الحوثية الموالين لها والسكان في مناطق سيطرتها كل يوم جمعة على الخروج والتظاهر في المدن والمديريات تحت شماعة “نصرة القضية الفلسطينية” منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب هجمات السابع من أكتوبر الماضي.
واستغلت الجماعة حجم المأساة والإبادة التي يتعرض لها سكان غزة في حشد اليمنيين في مناطق سيطرتها بشكل أسبوعي لرفع شعاراتها وصور قادتها، وتصوير التعاطف الشعبي مع قضية فلسطين على أنه تأييد لمشروعها وفكرها، وهو ما تسبب في امتناع غالبية اليمنيين عن الاستجابة لدعوات الجماعة بالخروج والتظاهر.
وتكشف الصور الذي ينشرها إعلام الجماعة، عن مستوى هزيل من المشاركة في التظاهرات الأسبوعية التي تقيمها الجماعة كل يوم جمعة باسم فلسطين وخاصة في المديريات، حيث لم يتجاوز عدد الحاضرين 50 شخصاً في مديرية بمحافظة المحويت رغم أن سكانها يتجاوز عددهم الـ100 ألف شخص.
هذا الرفض الشعبي للمشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية، أجبرها على التركيز في الحشد بميدان السبعين بصنعاء لتقديم صورة واحدة تُغطي على الفشل في باقي المحافظات والمديريات، مع استخدام كل الأساليب الممكنة لتحقيق ذلك.
ومن هذه الأساليب إجبار الموظفين على الحضور والتهديد بفصلهم من الوظيفة وكذا استخدام ورقة الغاز المنزلي الذي يوزع على السكان عبر عقال الحارات بسعر مخفض عن سعر المحطات التجارية، كما لجأت الجماعة إلى إلغاء الفعاليات في مديريات صنعاء وعمران، بهدف الدفع بأنصارها والموالين لها في هذه المناطق نحو ميدان السبعين.
حجم الفشل الذي تعاني منه الجماعة الحوثية عبر عنه بوضوح زعيمها عبدالملك الحوثي في خطابه يوم الأحد الماضي بمناسبة قدوم شهر رمضان، أسهب فيه بشكل مطول عن قضية الفعاليات الأسبوعية التي تنظمها جماعته باسم فلسطين، مُقراً بوجود “حالة ملل لدى الكثير من الناس لاسيما من الخروج الأسبوعي”.
مبدياً استغرابه من صعوبة “خروج ساعتين في ميدان السبعين في الأسبوع”. في إقرار واضح بفشل جماعته في إقناع اليمنيين بمناطق سيطرتها بالخروج باسم فلسطين، وأنها باتت تحصر جهودها في إنجاح الحشد بميدان واحد فقط.
زعيم الجماعة حاول في خطابه استخدام رسائل الترغيب والترهيب في إقناع اليمنيين بالاستجابة لدعواتها بالخروج والتظاهر، حيث زعم قائلاً بانه “من لم يخرج لساعتين في الأسبوع فقد وصل إلى درجة هابطة من الروح الإيمانية والجهادية”.
وعبر الحوثي عن مخاوف جماعته من الفشل التام في حشد اليمنيين خلال الفترة القادمة مع دخول شهر رمضان، قائلاً بانه “لا ينبغي للإنسان بحجة الصوم أن يشطب هذه المسألة من اهتماماته، هذه من صميم التقوى”.
إلا أن زعيم الجماعة أفصح بشكل ضمني عن السبب الحقيقي خلف إصرارها على حشد اليمنيين اسبوعياً تحت لافتة فلسطين، حيث قال بأن ذلك “يُغلق على العدو العمل على إعاقة الفعل العسكري القتالي المباشر بالتلاعب بالوضع الداخلي وصرف الاهتمام بأمور بسيطة”.
وهو ما يكشف إصرار الجماعة الحوثية على التظاهر والاحتشاد أسبوعياً تحت لافتة فلسطين بهدف قطع الطريق على أي محاولات شعبية للتظاهر والمطالبة بملف الرواتب والخدمات، والتي كانت قد تصاعدت بشكل خطير قبل أحداث السابع من أكتوبر الماضي.
ما يعني أن مخاوف الجماعة الحوثية من فشلها في حشد اليمنيين اليوم تحت لافتة فلسطين رغم المأساة التي يعيشها أهل غزة ورغم استخدامها لكل الأساليب، يعكس إدراكاً داخلها بانتهاء هذه الورقة التي راهنت عليها لمنع أي تحرك شعبي للمطالبة بالرواتب والخدمات.