يكشف تتبع مجرى سير العمليات العسكرية الإسرائيلية، منذ دخول القوات الإسرائيلية إلى رفح بداية الشهر الجاري، أن إسرائيل تسير باتجاه التصعيد غير الحذر، وغير المدروس، خصوصا في ظل الأعمال التي وُصفت بالاستفزازية على الحدود المصرية، واستمرار استهداف المدنيين ومخيمات النازحين.
وبحسب التصريحات والمراحل التي تعلنها حكومة نتنياهو وقيادة الجيش الإسرائيلي باستمرار على امتداد الحرب على غزة، يمثل اجتياح رفح الواقعة جنوبي قطاع غزة وعلى الحدود المصرية، المرحلة الأخيرة من التوغل العسكري في القطاع، للقضاء على المتبقي من قوات حماس في غزة بحسب الرواية الإسرائيلية، لكن التطورات الميدانية تظهر خلاف ذلك.
محور فيلادلفيا
عسكريا توغلت القوات الإسرائيلية باتجاه محور فيلادلفيا الذي يمثل الشريط الحدودي مع مصر، والذي يخضع لاتفاقات دولية تحدد أعداد القوات العسكرية من الطرفين الإسرائيلي والمصري، إضافة إلى نوع وكم التسليح، لتجنب أي تصعيد من كلا الطرفين.
ويمتد محور صلاح الدين، أو محور فيلادلفيا، بطول 14 كم على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، ويمثل منطقة آمنة بحسب بنود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979. ورغم التحذيرات الدولية والمصرية على وجه الخصوص، إلا أن القوات الإسرائيلية وبتوجيه سياسي من حكومة الحرب الإسرائيلية دخلت المحور وسيطرت على معبر رفح بقوات مدرعة، وبأسلوب استعراضي واستفزازي.
ويبدو أنّ خطوط التماس القريبة، التي تعمّد الطرف الإسرائيلي إيجادها بين الطرفين داخل المعبر وعلى امتداد الجهة الجنوبية من الشريط الحدودي، جرّت إلى عملية تبادل إطلاق نار، ما أدى إلى مقتل أحد الجنود المصريين، وهو أمر يثير خشية عالمية من تفاقم الأوضاع وزيادة التوتر.
استهداف النازحين
أما الحدث الاستفزازي الأكبر الذي أثار ردود فعل عالمية غاضبة وغير مسبوقة، فكان إثر الغارة الإسرائيلية المتعمدة يوم الأحد الماضي، على مخيم للنازحين في مدينة رفح، والتي أدت إلى مقتل 45 نازحا فلسطينيا إضافة إلى إشعال حريق في المخيم، وهو حدث بررته إسرائيل بأنها كانت تستهدف عضوين بارزين في حركة حماس ولم تتعمد إيقاع قتلى أو جرحى من المدنيين.
وعلى إثر هذه الحادثة توقفت عملية التفاوض بين إسرائيل وحماس التي أعلنت رفضها الانخراط بمفاوضات قبل أن يتوقف الاجتياح العسكري الإسرائيلي لرفح.
ورغم الانقسامات المعلنة داخل حكومة نتنياهو، فقد أبدت نيتها الاستمرار بالعمليات العسكرية داخل رفح، حتى تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على كتائب ومقاتلي حماس، في مؤشر يؤكد عدم وجود أية بوادر لانتهاء الحرب على غزة في المدى المنظور.
وبتحليل مسار العمل السياسي والعسكري الإسرائيلي، يبدو أن نتنياهو يحاول كسب الوقت وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، على أمل أن يعود الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، الحليف والداعم الأكبر لإسرائيل ونتنياهو شخصيا إلى البيت الأبيض.