فيما يستمر مجلس القيادة الرئاسي في تشديد الخناق اقتصادياً على مليشيا الحوثي، من خلال مواصلة إصلاح القطاع المصرفي، وجدت ذراع إيران نفسها في حالة من التخبط بين زيادة الضغط على البنوك العاملة من صنعاء وبين الرضوخ لمطالب ملاك مصانع المياه المعدنية والعصائر لتخفيض مبالغ الجبايات التي فرضتها عليهم بالقوة تحت مسمى “دعم صندوق المعلم”.
وكانت المليشيا الحوثية ضاعفت الجبايات على القطاع الخاص في مناطق سيطرتها منذ مطلع يوليو الجاري، بالتزامن مع اقتراب العام الدراسي الجديد في هذه المناطق، مما دفع ملاك مصانع إنتاج المياه المعدنية والعصائر المعلبة والمشروبات الغازية إلى الإضراب الشامل، وأغلقت الكثير من المصانع خطوط إنتاجها احتجاجاً على تكرار فرض الجبايات عليهم تحت مسميات مختلفة.
وبحسب مصادر محلية في صنعاء، فإن “فرض الجبايات والإجراءات التعسفية اقتصر فقط على ملاك المصانع غير الموالين للمليشيا الحوثية، في حين يتم إعطاء امتيازات وإعفاءات كبيرة للمصانع التي تديرها قيادات وشخصيات محسوبة على الجماعة”. فيما كشفت “رابطة مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية” أن مليشيا الحوثي تمارس إجراءات تعسفية على هذه المصانع منها إيقاف الأرقام الضريبية وحجز الشاحنات في المنافذ الجمركية وهي محملة بالمواد الخام أو بالمنتجات دون أي مسوغ قانوني، بل تستند إلى تعليمات من إدارة ما يسمى “صندوق دعم المعلم” الذي يشرف عليه شقيق زعيم المليشيا المعين بمنصب وزير التربية والتعليم، يحيى الحوثي.
والاثنين 15 يوليو الجاري ذكر الإعلام الحوثي أن مصلحة الضرائب والغرفة التجارية الخاضعتين لسلطات المليشيا في صنعاء عقدتا اجتماعا على خلفية لجوء ملاك هذه المصانع إلى الغرفة التجارية للتظلم من الجبايات الجائرة. وقالت وكالة الأنباء الحكومية “سبأ”- النسخة المختطفة من قبل المليشيا الانقلابية، إن الاجتماع خرج بتوقيع اتفاق بين النسختين الحوثيتين من مصلحة الضرائب والغرفة التجارية ينص على تخفيض الجبايات المفروضة على هذه المصانع من 20 ريالا إلى 5 ريالات على كل كرتون مياه أو عصائر.
وأشارت الوكالة إلى أن محضر الاتفاق نص على أن يسري هذا التخفيض بأثر رجعي ابتداء من شهر ديسمبر 2023، وهو ما يشير إلى الظلم الفادح الذي كان يتعرض له ملاك هذه المصانع قبل هذا التاريخ مما دفعهم إلى الاحتجاج ورفض دفع المبالغ الجائرة المفروضة عليهم بالقوة. كما نص المحضر على إطلاق الأرقام الضريبية الموقوفة من قبل سلطات المليشيا بشرط أن يلتزم أصحابها بما جاء في هذا المحضر.
وبرر رئيس مصلحة الضرائب الحوثية هذا الرضوخ لمطالب ملاك المصانع بأنه “تشجيع” للقطاع الخاص في مناطق سيطرة المليشيا، فيما اعترف من ناحية أخرى بطريقة غير مباشرة، أن إدارته منحت 90 ألف شهادة إعفاء لملاك المنشآت الصغيرة والأصغر، وهو الأمر الذي يؤكد قول المصادر بأن الامتيازات والاعفاءات الكبيرة يتم منحها للمصانع التي تديرها قيادات وشخصيات محسوبة على الجماعة.
وفي حين زعم رئيس مصلحة الضرائب الحوثية أن المبالغ التي يتم جبايتها من القطاع الخاص تحت مسمى “دعم صندوق المعلم” تذهب لصالح المعلمين في مناطق سيطرة المليشيا لاستمرار العملية التعليمية، أكد عدد من المعلمين في مديرية معين بالعاصمة المختطفة صنعاء، أن حكومة الحوثيين تستحوذ على مليارات الريالات من إيرادات الجمارك والضرائب وموانئ الحديدة وغيرها من الإيرادات الضخمة، بينما ترفض صرف مرتبات المعلمين وتجبرهم على العمل بحوافز ضئيلة.
وتصاعدت شكاوى المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين مع إعلان شقيق زعيم المليشيا- يحيى الحوثي المعين بمنصب وزير التربية بدء التحضير للعام الدراسي الجديد من 6 يوليو الجاري وبدء الدراسة من 13 يوليو، متعمدا تجاهل ذكر مرتبات المعلمين والتهديد بمعاقبة المتخلفين عن الدوام المحدد من قبل وزارته.
وأشار المعلمون إلى أن القيادات الحوثية استحوذت على أموال ضخمة من “صندوق دعم المعلم”، وهي أموال يتم نهبها من شركات ومؤسسات تجارية خاصة وخدمات الاتصالات والكهرباء والمياه والضرائب والجمارك وغيرها من المرافق الإيرادية التي تورد نسب متفاوتة لحساب الصندوق بشكل شهري، موضحين أن الصندوق الذي تديره قيادات حوثية مقربة من شقيق زعيم المليشيا المعين في منصب وزير التعليم يحيى الحوثي، صرف حوافز ضئيلة وعلى فترات متباعدة.
ورداً على تجاهل الوزير الحوثي لمرتبات وحقوق المعلمين، أصدر نادي المعلمين في مناطق سيطرة المليشيا في الأول من يوليو الجاري، بيانا جدد فيه دعوته لبدء إضراب شامل عن التعليم في مختلف المدارس الحكومية حتى صرف مرتباتهم المنهوبة من قبل الجماعة منذ عدة سنوات.
وقال النادي، في بيانه، إنه “إذا لم يتم الانتظام بدفع وتسليم الرواتب للتربويين والبت في الرواتب السابقة مع العلاوات والتسويات والعوض العادل، فإنه يدعو للإضراب الشامل، وفقا للمادة (34، 35) من قانون المعلم والمهن التعليمية”.
وطالب النادي بضرورة محاسبة القيادي الحوثي المعين في منصب مفتي اليمن، المدعو شمس الدين شرف الدين، والتحقيق معه بتهمة التحريض على مرتبات الموظفين وأكل أموال الناس بالباطل، وذلك على خلفية تحريضه على المطالبين بالمرتبات واتهامهم بفساد عقيدتهم.