✍️مقال لـ : د حسين لقور بن عيدان
نبض الشارع الشبواني – متابعة
الاثنين، الموافق 6 يناير 2025
في منطقة مليئة بالتعقيدات السياسية، تبرز أهمية مأسسة القرار الجنوبي كأحد المهام الأساسية التي تتطلب النظر العميق والتفكير الاستراتيجي من قبل القيادات الجنوبية.
لابد أن نتفق جميعًا، القرار يجب أن يتخذ من الداخل الجنوبي، وبالتحديد من عدن، عاصمة الجنوب، وليس من العواصم الإقليمية أو الدولية، أن هذا التوجه ليس مجرد شعار وإنما ضرورة ملحة لضمان أن تظهر القرارات الإرادة الحقيقية للشعب الجنوبي.
وكذا يجب التأكيد عن أن القرار الجنوبي موقعه مؤسسات وطنية نابعة من وممثلة للشعب الجنوبي وهي الوحيدة القادرة على الحفاظ على أصالة المواقف التي تعبر عن رأي الشعب الجنوبي، لأن منح القرارات المصيرية لأشخاص بعينهم قد يؤدي إلى اختطاف الموقف الجنوبي، مما يعرضه للمساومة والتفريط تحت الضغوط الخارجية، مع أنّنا لا نشكك في إخلاص وتاريخ هؤلاء الأشخاص، إلا أنهم في النهاية بشر يفتقرون إلى القدرة الفردية على فهم جميع جوانب الدبلوماسية والسياسة المعقدة التي تحيط بالجنوب وحدهم، ولأن تجاذبات القوى الإقليمية والدولية ومصالحها تؤثر بشكل كبير على مستقبل الجنوب، مما يجعل من الضروري أن تكون القرارات مَصُوغَة في إطار جماعي، يعكس تنوع الآراء والاهتمامات الوطنية.
هذا الأمر يتطلب إن يتم تحويل عمل المؤسسات الوطنية الجنوبية إلى ورش عمل دائمة يتيح فتح الأبواب لعقول الجنوبيين، ويعزز مشاركة جميع الفئات في صنع القرار، كون هذه العملية تمثل خطوة حيوية نحو تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية، وتساعد في تقديم الحلول الأكثر توافقًا مع تطلعات الشعب، وذلك أن إشراك الجميع في الحُوَار، عندها يمكننا الحديث عن تشكيل رؤية مشتركة تضمن حقوق الجنوبيين وتحقق تطلعاتهم في تحقيق هدفهم في الاستقلال.
إن طرح هذا الكلام يأتي في وقت يتم تداول عدد من المشاريع المطروحة لحل الصراع، وكتحذير مما يسعى إليه المبعوثون الدوليون والقائمون الإقليميون إلى تنفيذها، هذه الحلول غالبًا ما تكون منقوصة ولا تقدم إجابات حقيقية لطبيعة الصراع الأساسي بين اليمن والجنوب العربي ولأن هذه المشاريع لا تتعامل مع الأبعاد الحقيقية للصراع ولا تفي بمعالجة الحقوق الوطنية والسياسية للجنوبيين، ومن هنا، فإن التحذير لا يوجه فقط إلى الشعب الجنوبي، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى جميع الأطراف المعنية.
إن المصير الجنوبي لا يمكن أن يُترك بيد مجموعة محدودة من الأفراد الذين قد لا يملكون وحدهم الرؤية الشاملة أو القدرة على التفاعل مع كافة الديناميكيات السياسية، بل وضع القرار الجنوبي مهمة من أهم المهام التي يجب أن تكون محصورة في المؤسسات الوطنية الجامعة، حيث يمكن لهذه المؤسسات أن تلعب دورًا محوريًّا في التفاعل مع التغيرات الإقليمية والدولية، والذي من خلال هذا الإطار المؤسسي، يمكن تطوير استراتيجيات فعّالة تضمن تطلعات الشعب الجنوبي وتستعيد حقوقه.
في الأخير، إن المسار نحو اتخاذ القرار الجنوبي يتطلب تحركًا جماعيًّا وتعاونًا فعّالًا بين جميع الأطراف الجنوبية المعنية، حيث لا يمكن السماح بأن تبقى الأمور محصورة في أيدي قلة، بل يجب أن يكون هناك مجال للجميع للعب دورهم في تحديد مستقبل الجنوب، هذا هو الوقت المناسب للتفكير بشكل جاد في البدء بتطوير مؤسسات المجلس الانتقالي وإخراجها من أساليب العمل البيروقراطية لتكون قادرة على تحمل هذا العبء التاريخي، وضمان أن يكون صوت الجنوبيين مسموع ومؤثر في صناعة القرارات الخاصة بمستقبل شعب الجنوب.