✍ مقال لـ : د. حسين لقور بن عيدان
نبض الشـــــارع الشبواني – متابعة
الخميس، الموافق 16 يناير 2025
في تاريخ الجنوب العربي تقف الأحداث والصراعات التي عصفت بالجنوب شاهدة على كوارث سياسية واجتماعية لا تزل آثارها ماثلة حتى يومنا هذا، ومع كل ما مرّ من محطات مؤلمة، يلاحظ غياب شبه كامل لوقفة تقييم حقيقية أو مراجعة جادة لأسباب تلك الصراعات، وللخلفيات الفكرية والسياسية التي قادت إليها.
فالأسئلة الكبرى التي لم تُطرح للمراجعة والنقد تُبقي الباب مفتوحًا أمام استمرار تكرار الأخطاء.
من أبرز المحطات التي تستحق المراجعة، فكرة “النضال التحرري” ضد الاستعمار البريطاني، مع أن الظروف الدولية كانت قد مهدت الطريق لخروج بريطانيا من عدن، ففي عام 1963، حصل شعب الجنوب على قرار من الأمم المتحدة يمنحه الحق في تقرير المصير تحت لجنة تصفية الاستعمار، بل تم تحديد موعد للخروج البريطاني، ومع ذلك اختيرت طريق الثورة المسلحة التي أسفرت عن خسائر سياسية ومادية، وفتحت المجال لصراعات داخلية لاحقة ألقت بظلالها على التاريخ السياسي الحديث للجنوب.
إن من القضايا الأخرى الذي تحتاج إلى مراجعة عميقة الذهاب إلى الوحدة مع اليمن وفرض “اليمننة” على الجنوب العربي منذ عام 1967، هذا المسار الذي أُلبس لباس “القومية”، لكنه تجاهل الخصوصية الثقافية والتاريخية لشعب الجنوب والاختلافات القائمة بين الدولتين، تلك الوحدة التي كان يُفترض أن تكون شراكة بين أطراف متساوية، تحولت إلى احتلال يمني للجنوب وتحولت إلى ساحة صراع مستمر، مما أدى إلى صراع وحروب نعيشها اليوم بدلاً من بناء دولة مواطنة مدنية.
أما عند الحديث عن الأيديولوجيات التي تم تبنيها بعد الاستقلال لا يمكن تجاهل تجربة الفكر الماركسي الذي تبناه النظام الحاكم وتجربة نظام الحزب الواحد، في مجتمع يفتقر إلى الظروف الموضوعية لتطبيق هذه الأيديولوجية، كانت النتائج كارثية، فعلى الرغم من أن الماركسية سقطت في دول تمتلك موارد وشروطًا أفضل، إلا أن الجنوب اختار السير في هذا الطريق الفاشل، مما زاد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وفي الوقت الراهن، يبدو أن غياب المراجعة أو التقييم لا يزال يهيمن على الفكر السياسي في الجنوب، وبدلاً من تبني نهج يستفيد من التجارب والدروس، لا زالت تُسيطر على مسيرتنا ديناميات مقاومة للواقع وحقائقه، هذه الديناميات تتجلى في:
التعويل على فكرة أن “العوائق والعقبات” لن تمنع الانتصار الموعود الذي سيأتي يومًا ما، دون تحديد معالم أو خطط واضحة لتحقيقه.
ويتم تصوير أي نقد أو تشكيك في الخيارات السابقة على أنه خيانة، مما يخلق بيئة يصعب فيها طرح أفكار جديدة أو حلول بديلة.
لا شك أن المسؤولية عمّا جرى تتحملها قيادات بعينها، لكن المصيبة الكبرى تكمن عندما يتحول هؤلاء المسؤولون أنفسهم إلى قادة جدد، وكأنهم ضحايا مؤامرات أو سوء فهم، في حين أن استمرارهم في المشهد السياسي يظهر غياب المحاسبة ورفض المراجعة.
إن تاريخ الجنوب بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة وجادة، ليس فقط لفهم ما حدث ولكن أيضًا لتجنّب تكرار الأخطاء، المراجعة ليست ضعفًا أو خيانة، بل هي خطوة ضرورية لبناء رؤية مستقبلية تستفيد من التجارب السابقة. فالتغيير يبدأ عندما نملك الشجاعة للاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها.
لذلك، لا يمكن تحقيق مستقبل أفضل إلا عندما نتعلم من الماضي، ونواجه أخطاءنا بشجاعة، ونتبنى فكرًا جديدًا يواكب احتياجات الحاضر وتحدياته.
——————————————————
للانضمام لمجموعة نبض الشارع الشبواني على الواتس آب أضغط هنا👇
مجموعة نبض الشارع الشبواني على الـ Whatsapp
——————————————————
– لمتابعة صفحة نبض الشارع الشبواني على منصة X “تويتر سابقاً” أضغط هنا👇
صفحة نبض الشارع الشبواني على الــ X-Twitter
——————————————————
لمتابعة صفحة نبض الشارع الشبواني على الفيس بوك أضغط هنا👇
صفحة نبض الشارع الشبواني على الــ Facebook
——————————————————
«صفحة إخبارية تنشر الحقيقة كما هي، بمهنية إعلامية وطرح إخباري هادف»