تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المحروقات، يواجه المواطن “سعيد ربيحان” من قرية قسم، شرق مديرية تريم بوادي محافظة حضرموت، تحدياً شديداً في الحصول على الماء الصالح للشرب باختبار حقيقي لقوة إرادته وصموده على البقاء على قيد الحياة.
مع توقف المضخات الرئيسية التي تمد القرية بالمياه، تارة بسبب انقطاع التيار الكهربائي وأخرى بسبب عدم توفر الوقود وارتفاع تكاليفها. ساهم ذلك في زيادة تفاقم المشكلة وصعوبة الحصول على لترات بسيطة. حالة من الاحتقان والضيق يعيشه الأهالي لأيام متعددة بسبب نقص الماء النظيف والصالح للشرب.
ما حطم آمال المواطنين وزاد من قلقهم المستمر، تجاهل السلطات الحكومية المعنية بتوفير هذه الخدمة، وعدم إيجاد أية حلول للمشكلة المتفاقمة. ومع هذه المعاناة الشديدة والظروف الصعبة تبنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، مبادرة إنسانية عاجلة أعادت الأمل وبثت روح الحياة للتخفيف من معاناة أهالي قرية “قسم” وضواحيها، ومساعدتهم على تأمين مصادر مياه دائمة تساعدهم على البقاء على قيد الحياه. وتضمنت المبادرة التي تخدم 42 ألف نسمة، بناء ثلاثة خزانات مياه يبلغ سعة الواحد سبع مئة متر مكعب.
تأتي هذه الخزانات الضخمة كشريان حياه للمواطن “سعيد ربيحان” وجميع سكان القرى الريفية بتريم بعد أشهر من العزلة. حيث بات المواطنون يشربون مياها نظيفة دون القلق من تلوثها أو انتهائها. فالمشروع يلبي احتياجات المواطنين اليومية بسهولة ومن مصادر موثوقة ونظيفة وصحية.
وقدم المواطن ربيحان ، الشكر العميق لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذراعها الإنساني هيئة الهلال الأحمر الإماراتي على هذا الدعم القيم. لافتاً إلى أن هذه الخزانات تمثل طوق نجاة لهم بعد معاناة طويلة بسبب نقص المياه والحياة المليئة بالقلق والتوتر.
تعتبر الخزانات المائية الثلاثة التي تم بناؤها في مواقع استراتيجية إنجازاً هاماً يحمل الأمل للقرى المستفيدة وأحدثت تحولاً كبيرا في حياتهم لضمان حياة كريمة وصحية تم تصميمها وتجهيزها بأحدث التقنيات ووفقًا للمعايير العالمية مما يضمن جودة المياه وسلامتها وتوفير مصدر موثوق ومستدام للمياه مما يعزز الحياة الصحية ويعطي فرصاً للتنمية المحلية.
وأشار مشرف مشاريع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي المهندس “حامد قوايا” أن الآبار التي حفرتها الهلال الأحمر في مختلف مناطق محافظة حضرموت لمواجهة أزمة المياه بالمناطق النائية العام المنصرم 2023م بلغت 50 بئراً لتأمين احتياجات المناطق التي تعاني من شحة المياه وتوفير مياه نقية للسكان صالحة للشرب. لافتاً الى أن مثل هذه المشاريع تعكس التزام الهيئة بتقديم المساعدة الإنسانية للمجتمعات المحتاجة وتحسين إمدادات المياه وتوزيعها بشكل عادل بحيث يستفيد منها الجميع.
وأشاد وكيل محافظه حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء المساعد “عبد الهادي التميمي” بالجهود التي يبذلها الهلال الأحمر الإماراتي ببناء الخزانات والمشاريع الإنسانية المتعددة بداخل محافظة حضرموت. متمنياً استمرار هذا الدعم السخي لمساعدة المناطق التي تحتاج إلى المياه خصوصاً مع قلتها في الوقت الراهن وزيادة الاستهلاك المنزلي وضعف التدخل الحكومي في بعض المشاريع.
وجرت مراحل بناء وتجهيز الخزانات بما يتوافق مع المعايير العالمية للجودة والسلامة في سبيل تحسين البنية التحتية للمياه وتلبية الاحتياجات المتزايدة والتي ستساهم في زيادة إمدادات المياه وتحسين توزيعها بشكل عادل للسكان في القرى الثلاثة والوصول إلى المياه بسهولة أكبر وبشكل منتظم وتحسين مستوى النظافة الشخصية والصحة العامة وتقليل انتشار الأمراض المنقولة بالمياه وتعزيز النشاطات الاقتصادية المحلية، وإتاحة فرص جديدة للزراعة والري، إلى جانب تطوير الصناعات المرتبطة بالمياه وبالتالي ستسهم في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
وبين الأمين العام للمجلس المحلي بمديرية تريم علي صبيح أن المشروع سيعمل على تحسين جودة حياة المجتمع المحلي وتلبية احتياجاته الماسة في الماء وتوفير إمدادات مستدامة وموثوقة من المياه النقية لتلبية الاحتياجات اليومية والاستخدامات المتعددة من الشرب والطهي والاستخدامات الزراعية، لافتا أن الروح الإنسانية العالية والتضامن المشترك بين شعب الإمارات ومحافظة حضرموت عكس التزامهم الراسخ بتحسين حياة الأشخاص المحرومين وتلبية احتياجاتهم الأساسية في مختلف القطاعات.
وأعرب السكان المحليون الذين يشع في عيونهم الأمل والفرح عن سعادتهم وامتنانهم لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي لحل مشكلة المياه التي شكلت هاجساً يؤرقهم لسنوات طويله، لافتين أن هذا المشروع ليس مجرد بنية تحتية بل هو رمز للأمل والتقدم والتعاون الإنساني لإنقاذ حياة الآلاف من المواطنين وتحقيق تأثير إيجابي على الصحة العامة والتنمية المحلية والاستدامة البيئية.
ولا تزال الكثير من التحديات التي تواجهها القرى والمناطق النائية في محافظة حضرموت لتوفير المياه النظيفة والصحية بشكل دائم ما يتوجب على المؤسسات الحكومية والمجتمع الدولي مواصلة الدعم والتعاون لتنفيذ مشاريع مستدامة لتوفير المياه والمرافق الأساسية لتلك المناطق المحرومة.