في ذكرى التصالح والتسامح الجنوبي ، الذي يمثل حجر الأساس والشعلة التي انطلق على ضوئها ابناء الشعب الجنوبي العظيم ، متسلحين بإيمانهم وبعدالة قضيتهم الجنوبية، وعقيدتة الوطنية الراسخة رسوخ الجبال ،ليمضي نحو طريق استعادة الدولة ، متحدين كل الصعاب والظروف التي تعصف بهم ، في ضل الاحتلال اليمني الغاشم الذي استباح الأرض والعرض ،
أن المؤامرات التي كان ولايزال يحيكها الاحتلال اليمني منذ عقود من الزمن ، ساعياً من خلالها الى تفكيك النسيج الاجتماعي الجنوبي ،وزرع بذور الفتنه والمناطقية والعنصرية، بين اوساط ابناء الجنوب ، بأستخدام كل الاساليب الخبيثة ، باءت بالفشل أمام إدراك ووعي ابناء الجنوب، الذي كشف مخططاتهم القذر وألاعيبهم ، ليواجهها بأعلان التصالح والتسامح الجنوبي ،والذي أصبح ذكرى وطنية يُحتفل بذكرها كل عام ، منذ انطلاق الحراك الجنوبي السلمي الذي واجهه المحتل بشتى انواع القمع والقتل والبطش، والاعتقال والاختطاف والترهيب والتعذيبب لكل من كان يشارك في المظاهرات السلمية ..إن الشعوب الحرة لاتخضع لظلم ولا يخيفها بطش الظالم ، بل يزيدها إصراراً وعزيمة لكي تفدي تراب وطنها بدمائها وارواحها منطلقين من الأيمان بعدالة قضيتهم ، مؤمنين بأن إرادة الشعوب لا تقهر ، مجسدين اسمى معاني التضحية والفداء لاجل الوطن والحرية والكرامة ، لم يتوانو عن تقديم ارواحهم رخيصة لتروي تراب الوطن.
تجد في كل شبر من أرض الجنوب الذي اختلطت فيه دماء ابناء الجنوب مجسدين أعظم معاني اللحمة الجنوبية والتكاتف الجنوبي ، فكل الجبهات المشتعلة في مواجهة منظومة الاحتلال اليمني ، يتسابق فيها المقاتلون الجنوبيون من كل محافظات الجنوب ، ابتداءً من العاصمة عدن، إلى كل الجبهات القتالية في ربوع وطننا الحبيب ، ضاربين أروع الامثلة في الاخاء والفداء والتكاتف والايثار في صناعة واجتراح البطولات ،يلقنون الأعداء دروس في فنون القتال ستظل خالده في ذاكرتهم وذاكرة أجيالهم، وبعد أن عجزوا عن تحقيق أي تقدم في الجبهات ، غيرو استراتيجيتهم من المواجهة إلى تنشيط خلاياهم الإرهابية في محافظات الجنوب. وبث سموم العنصرية والمناطقية ، بكل طرق والوسائل بعضها تمرر عبر ادوات جنوبية ، وكذلك عبر مطابخ اعلامية ، يعملون عليها ليلاً ونهارا ، ومع ذلك باءت بالفشل الذريع.
إننا اليوم وفي الذكرى 17 السابعة عشر للتصالح والتسامح ندرك جيداً ما أثبتته تجارب التاريخ أن الأمم والشعوب المترابطة هي التي تنال مطالبها وتنفرد في سيادتها الوطنية, عندما تدرك جيداً أن قوتها في وحدتها واتحادها في بوتقة واحدة وتحت قيادة واحدة وأن الفرقة والخلاف والتنازع هي الطريق للسقوط, لكن ابناء الجنوب الواحد وبقيادتهم الحكيمة الشجاعة ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي إستدركوا خطر المرحلة, وهبوا إلى ترسيخ مبدأ التصالح والتسامح, الذي يعزز تطلعات ثورتهم ويجعل بتحقيق اهدافها.
ولا شك في أن التحديات الكثيرة والمتزايدة التي يمر بها جنوبنا اليوم , وتهدف الى النيل من مطلبه السياسي في حق تقرير المصير واستعادة دولته , وذلك يتطلب ضرورة ترسيخ مبدأ التصالح والتسامح الجنوبي كمبدأ ثابت مقدس و أساسي في نحو تحقيق هدف التحرير والإستقلال, لمواجهة التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها شعبنا اليوم,
وهذا ما يتطلب مننا اليوم واكثر من اي وقت مضى إلى تكاتف كافة أبناء الجنوب الواحد لنبذ الفرقة والخلافات وتغليب مصالحة شعب الجنوب السياسية والوطنية العليا على المصالح الشخصية الضيقة, والتوافق على كل ما يمكن أن يسهم في استعادة الدولة الجنوبية بكل مقوماتها, بحيث أصبح هناك ضرورة ملحة لتضافر جهود الساسة والقادة والباحثين والمفكرين والكتاب والناشطين ودعوتهم لتعزيز التلاحم وتعميق روح المحبة والألفة وغرس ونشر وتجذير ثقافة التصالح والتسامح والاتحاد والمحبة والإخاء والتفاهم المشترك بين أبناء الجنوب.