أحبطت الوديعة السعودية لليمن مخططات مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا في إغراق المناطق اليمنية المحررة بالأزمة الاقتصادية.
وجاء وصول الوديعة التي تأتي ضمن دعم سعودي – إماراتي مشترك يبلغ 3 مليارات دولار، في وقت تعاني فيه حكومة اليمن من اختناقات تمويلية حادة إثر شح مصادر النقد الأجنبي وتوقف تصدير النفط ضمن حرب اقتصادية حوثية غير مسبوقة.
وفي وقت سابق، الثلاثاء، أعلنت المملكة العربية السعودية، إيداع مبلغ مليار دولار لدى حساب البنك المركزي اليمني كوديعة للبنك المركزي اليمني.
ويعد الدعم تأكيداً من المملكة على وقوفها الدائم مع اليمن حكومةً وشعباً، ومساعدتها للنهوض بواجباتها في سبيل استعادة أمن واستقرار هذا البلد الفقير.
حرب حوثية متقدمة
عقب ساعات من وصول الوديعة أبدى الحوثيون انزعاجا غير مسبوق وحاولوا التقليل من أهمية الدعم السعودي ومحاولة التلاعب بأسعار الصرف بعد تحسنه الملحوظ، حيث تراجع سعر الدولار، الخميس، إلى 1185 ريالا مقارنة بنحو 1237ريالا للدولار الواحد يوم الاثنين، كما تراجع سعر بيع الريال السعودي الى 315 ريال مقابل 330 ريالا في تعاملات اليومين الماضين.
وكانت مليشيات الحوثي استغلت حراك الهدنة لتشن حرب متقدمة ضد الاقتصاد اليمني كان آخرها الترويج لشائعات بإلغاء آلية التفتيش في ميناء الحديدة وإجبار التجار على الاستيراد بالقوة من الموانئ الخاضعة لسيطرتها غربي اليمن، ما مثل ضربة للموانئ المحررة سيما ميناء عدن.
وجاء ذلك بعد تبني مليشيات الحوثي سلسلة من الضربات الجوية ضد موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت، ما أدى إلى تعطيلها وإيقاف أهم مورد مالي للميزانية الحكومية على الإطلاق ووضعها على حافة الإفلاس، وفقا لخبراء اقتصاديون.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أشار إلى أن الهجمات الحوثية أدت إلى إغراق المضخة الخاصة بتصدير النفط والتي تستغرق تكلفة إصلاحها أكثر من 60 مليون دولار وتستغرق 6 شهور.
كذلك عمد الحوثيون طيلة 8 أعوام من عمر الحرب في تعميق الانقسام الاقتصادي والمالي جنوبا وشمالا بالتزامن مع انقسام واختلاف وتناقض السياسات المالية والنقدية.
بالإضافة إلى ذلك، شيدت مليشيات الحوثي شبكة من البنوك ومحال الصرافة والقنوات غير الرسمية للتلاعب في أسعار الصرف وإضعاف تحويلات المغتربين التي تعتبر ثاني مصدر بعد النفط من العملات الأجنبية.
ويأتي وصول الوديعة السعودية لتخفف بشكل كبير وطأة إرهاب مليشيات الحوثي على الاقتصاد اليمني، إذ من شأنها تهدئة تدهور سعر الريال اليمني وتمكين البنك المركزي من التحكم في سعر الصرف في الأسواق المحلية.
احباط مخططات الحوثي
تظل الوديعة السعودية رافدا اقتصاديا مهما رغم أنها ليست كافية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في ظل محدودية الموارد للحكومة اليمنية بسبب حرب مليشيات الحوثي الإرهابية.
ووفقا للخبير الاقتصادي اليمني فارس النجار فإن اليمن يمر بأزمة اقتصادية حادة لا سيما بعد الهجمات الحوثية على الموانئ والتي ترتب عليها توقف صادرات النفط، الأمر الذي انعكس على شح موارد اليمن من النقد الأجنبي.
وقال إن “الوديعة السعودية – الإماراتية تحبط بالفعل مخططات مليشيات الحوثي التي حاولت مرارا وتكرارا من خلال بث الشائعات حول فتح ميناء الحديدة ومزاعم الغاء آلية التفتيش لإجبار التجار للاستيراد من الموانئ الخاضع لسيطرتها في محاولة لتضييق الخناق على الشرعية”.
ويرى النجار في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن “محاولات مليشيات الحوثي إحداث زعزعة اقتصادية في مناطق الشرعية من ضغوط واعمال إرهابية مصيرها الفشل لأن المجلس الرئاسي عازم على إجراء إصلاحات اقتصادية بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية لتحقيق الأهداف الاقتصادية وبما يحسن معيشة الشعب اليمني”.
ويؤكد النجار أن الوديعة السعودية تظل رافدا اقتصاديا مهما خلال هذه المرحلة، لأنها سوف تساهم في تحقيق سعر صرف نسبي في سعر العملة الوطنية، بحيث تمكن البنك المركزي من ممارسة تداخلاته وفرض التزاماته وسياساته النقدية من خلال ما يقوم به عن طريق المزادات لتوفير النقد الأجنبي.
وأوضح أن الوديعة سوف تساعد على استيراد السلع الأساسية، وبالتالي تحقيق استقرار نسبي في سعر العملة الوطنية وتخفيف حدة التضخم وتخفيف حدة انخفاض القوة الشرائية للمواطنين نتيجة التضخم الكبير.
بالنسبة للنجار فإن الوديعة رغم أهميتها، لكنها غير كافية لتحقيق استقرار مستدام، كون اليمن ما زال بحاجة إلى حشد الجهود الدولية على مستوى دعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة والتي تتطلب قرابة 4 مليارات دولار وكذلك دعم الأشقاء والاصدقاء بشكل رئيسي في توجيه هذا الدعم المقدم للأمم المتحدة عبر البنك المركزي، لما له من دور في تحسين العملة الوطنية.