كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش، تفاصيل صادمة حول طريقة معاملة مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، للناشطة الحقوقية فاطمة العرولي التي قضت مطلع الشهر الجاري بإعدامها بعد محاكمة صورية لم تستمر طويلاً، مؤكدة أنه ينبغي على الحوثيين إلغاء الحكم وإنهاء قمعهم المتصاعد لحرية التعبير وحقوق الإنسان.
وذكرت المنظمة، أنه في 5 ديسمبر/كانون الأول 2023، أدانت “النيابة الجزائية المتخصصة” في صنعاء فاطمة صالح العرولي (35 عاما) وحكمت عليها بالإعدام بتهمة التعامل مع العدو، في إشارة إلى الإمارات، مؤكدة أن العرولي، الناشطة والرئيسة السابقة لمكتب اليمن لـ”اتحاد قيادات المرأة العربية” التابع لـ”جامعة الدول العربية” لم تتمتع بأي تمثيل قانوني في المحاكمة، ولم تتمكن عائلتها من الاتصال بها إلا مرتين منذ اعتقالها في أغسطس/آب 2022.
المنظمة قالت إنها تحدثت مع أربعة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بقضية العرولي وظروف احتجازها، منهم شقيقها محمد ومحامٍ حاول تمثيلها، وراجعت وثائق المحكمة وتقارير أخرى تخص قضيتها.
ووفق المنظمة قالت المصادر إن العرولي اعتُقلت في 12 أغسطس/آب 2022 عند نقطة تفتيش خاضعة لسيطرة الحوثيين في مديرية الحوبان في محافظة تعز بينما كانت في طريقها من عدن إلى صنعاء، عندما كانت عائدة لتوها من زيارة والدتها في الإمارات، مكان مولدها ومقر إقامة عائلتها حاليا، حيث اتصلت العرولي بشقيقها عند نقطة التفتيش لتخبره أن الحوثيين أوقفوها، وانقطعت أخبارها عن أسرتها لغاية يناير/كانون الثاني 2023.
قالت رسالة وجهها مقررون خاصون من الأمم المتحدة إلى وزير خارجية الحوثيين، إن “جهاز الأمن والمخابرات” التابع للحوثيين أخفى العرولي قسرا ولم يمكنّها من الحصول على محام، ولم تتمكن منذ احتجازها من الاتصال بأسرتها إلا مرتين. أضافت الرسالة إن سلطات الحوثيين “أنكرت في البداية أي علم لها باعتقالها أو مكانها عندما سأل محاميها عنها”.
وأضافت المنظمة، إنه في 31 يوليو/تموز، علم محامي العرولي أن الحوثيين اتهموها بمساعدة جهة معادية (الإمارات)، بحسب لائحة الاتهام الرسمية الصادرة في 31 يوليو/تموز عن النيابة الجزائية المتخصصة، والتي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش.
وبحسب المنظمة، تذكر الوثائق أن العرولي جُنّدت للعمل مع ضباط مخابرات إماراتيين يشرفون على الحرب في اليمن، وأنها وافقت على تزويدهم بمعلومات ومواقع حساسة للجيش واللجان الشعبية اليمنية. لم يقدم الادعاء أي دليل علني يدعم هذه الاتهامات.
ونشر محامي العرولي في 19 سبتمبر/أيلول على وسائل التواصل الاجتماعي موافقة الأخيرة في جلسة الاستماع الأولى لها ذلك اليوم على توكيله للدفاع عنها. وأضاف إنه أخبر القاضي أنه موجود لتمثيلها، وهي أكدت الأمر، لكن أمره ضابط مخابرات لاحقا بمغادرة قاعة المحكمة عندما أخبر العرولي بأن عليها طلب نسخة من قضيتها والتهم الموجهة إليها. ولفت إلى أنه أثناء مغادرته قاعة المحكمة، سمع القاضي يقول للعرولي إنها لن تحتاج إلى محامٍ لأنه لن يتمكن من فعل شيء لها.
ولفتت المنظمة إلى أن أحد المصادر قال إن هذا “يحدث بانتظام” منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في العام 2014، مضيفا: “عندما يعتقل جهاز الأمن والمخابرات أحدهم، فإنهم يقدمونه إلى المحكمة ويطلبون منه الاعتراف بكل شيء، [ويخبرونه] بأنهم سيعذبونه حتى يعترف بالتهم الموجهة إليه”.
ونقلت المنظمة عن شقيقها أن آخر اتصال هاتفي أجرته عائلتها معها كان قبل جلسة سبتمبر/أيلول، في حين ذكر المحامي “حاول شقيقها زيارتها عدة مرات. كتبتُ رسالة لأخيها ليقدمها إلى السلطات تطلب منهم السماح له بزيارة أخته، لكن ظل جهاز الأمن والمخابرات يرفض السماح لها بمقابلة أي شخص. كانوا يزعمون أنها لا ترغب في مقابلة أي أحد”.
كما قال محاميها إن عائلتها قدمت عدة طلبات رسمية لزيارتها، منهما طلبان في ديسمبر/كانون الأول 2022 ومارس/آذار 2023 اطلعت عليهما هيومن رايتس ووتش. منع جهاز المخابرات إجراء الزيارتين رغم موافقة النائب العام على كلا الطلبين.
وتطرقت المنظمة إلى شهادات حول الظروف التي تواجهها العرولي أثناء الاحتجاز نظرا لتعذّر التواصل معها، حيث قال محاميها إنها قالت في جلسة سبتمبر/أيلول إنها كانت محتجزة في غرفة صغيرة فيها عفن وبلا نافذة. أفاد شخص كان في قاعة المحكمة يومها أنها أخبرت القاضي أن غرفتها “سيئة ومتعفنة لدرجة أنني لا أستطيع حتى الصلاة فيها”.
كما تمكن أحد إخوة العرولي من التحدث معها لفترة وجيزة خلال جلسة سبتمبر/أيلول. ونقلت المنظمة عن شقيقها محمد أن أخته أخبرت شقيقهما أنهم حقنوها بمواد مجهولة، وأرته كذلك كدمات قالت إنها بسبب الضرب الذي تعرضت له على رأسها. قال محمد إن شقيقه أشار إلى أن أخته “كانت تبدو مريضة ومرهقة وضعيفة، ويُحتمل أنها فقدت تقريبا 10 و15 كيلوغراما”. أضاف محمد إن شقيقته لديها مرض السكري، وإنها سألت خلال المحاكمة عما إذا كان بإمكان أسرتها إحضار الدواء والمال لها، لكن رفض القاضي هذا الطلب.
وذكرت هيومن رايتس أنها لم تتمكن من الحصول على معلومات أكثر حول حالة العرولي في السجن، وبحسب تقرير المقررين الخاصين للأمم المتحدة، “من غير المعروف تحت أي ظروف استُجوبت السيدة العرولي، ولا كيف عوملت أثناء احتجازها”