سقط عشرات القتلى السبت حسب حماس في قطاع غزة الذي يقصفه الجيش الإسرائيلي في اليوم التاسع والتسعين من الحرب بين إسرائيل والحركة الإسلامية الفلسطينية، في وقت يقول فيه مراقبون إن الضربات الأميركية البريطانية التي استهدفت الحوثيين قد خطفت الأضواء عن معاناة القطاع والمواجهات المستمرة هناك.
ونفذت إسرائيل هجمات مكثفة على مدينة خان يونس، وكذلك على رفح قرب الحدود مع مصر، والتي فرّ إليها مئات الآلاف من سكان غزة بحثا عن ملجأ. وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن الغارات الإسرائيلية أودت بحياة أكثر من ستين شخصا معظمهم من النساء والأطفال، وأدت إلى جرح العشرات.
وفي مستشفى النجار في رفح، يحاول السكان التعرف على أحبائهم الذين مددوا على الأرض. وأمام صف الجثث، يعانق رجل بقايا طفل صغير ملفوف بملاءة بيضاء. يقول أبوسيف الذي نزح ثلاث أو أربع مرات منذ بداية النزاع إن ذلك “يحدث في منطقة تعتبرها الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة آمنة”.
ويرفع بسام عرفة الذي نزح من مخيم البريج وسط القطاع الساحلي، صورة طفلة على شاشة هاتفه قائلاً “هذه الطفلة الصغيرة ماذا فعلت لهم؟ ماتت جائعة وهي تحمل كسرة خبز”. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمر عشرات من مواقع إطلاق الصواريخ وقتل في غارات جوية أربعة مقاتلين في خان يونس.
وفي وسط قطاع غزة، قال إنه قتل مسلحين في “مركز قيادة تابع لحماس”. وفي خان يونس، قالت نبيلة أبوزيد (40 عاما) وهي ربة منزل لفرانس برس إن “الليلة كانت صعبة جدا أمضيناها مكدسين مع مئات النازحين في أروقة قسم الولادة” في مستشفى النصر.
وأوضحت أن الأمطار والبرد في المنطقة جعلت الحياة اليومية أصعب لعائلتها التي نصبت خيمة في ساحة المستشفى. وتساءلت “إلى أين نذهب”؟ ولطالما دانت المنظمات الدولية تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، واضطر 1,9 مليون منهم إلى ترك منازلهم.
وانقطعت الجمعة خدمات الاتصالات والإنترنت في غزة، ونسبت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) هذا الانقطاع إلى الجانب الإسرائيلي. كما أدى نقص الوقود إلى إغلاق المولّد الرئيسي في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح في وسط القطاع، بحسب مصدر في وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وتعارض إسرائيل إدخال الوقود مع المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى خطر وصولها إلى حماس. في الوقت نفسه تتواصل المفاوضات بشأن مصير الرهائن. ونظمت عائلاتهم تجمعاً السبت في تل أبيب للمطالبة بإعادتهم. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة التوصل إلى اتفاق بوساطة قطر لإيصال أدوية “في الأيام المقبلة” إليهم. وأفاد مصدر مطلع إلى وكالة فرانس برس بحصول مفاوضات، لكنه لم يؤكد نتائجها.
واعتبرت إيلا بن عامي التي تظاهرت في تل أبيب من أجل والدها أن “هذا لا يكفي.. أريده في المنزل، يحظى برعاية جيدة، دون أن تعتني به حماس”. وتغذي الحرب في غزة العنف على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وفي الضفة الغربية وسوريا والعراق حيث تضاعفت الهجمات على القواعد الأميركية. ونتيجة التصعيد الميداني، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، السبت، انقطاع الاتصال بخلية مسؤولة عن 4 أسرى إسرائيليين تم احتجازهم في قطاع غزة عام 2014.
جاء ذلك في مقطع فيديو بثته كتائب “القسام” بعنوان “الوقت ينفد”، في إشارة إلى أن استمرار المعارك يهدد حياة المحتجزين الإسرائيليين. ووجهت “القسام” رسالة لعائلات الأسرى الإسرائيليين، قائلة: “بالماضي والآن ومرة أخرى، نتنياهو وحكومته غير مهتمين لعودة أبنائكم وأعزائكم، لا تنسوا.. الوقت يمضي ويتلاشى”.
والأحد، قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة “جارية وتمر بتحديات (…) ومقتل أحد كبار قادة حركة حماس الفلسطينية (صالح العاروري)، يمكن أن يؤثر عليها، لكننا نستمر في النقاشات مع كافة الأطراف للتوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن”. وتربط حركة حماس التفاوض على الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، بـ”الوقف الكامل للحرب على قطاع غزة”، الأمر الذي ترفضه إسرائيل التي قالت لأكثر من مرة إنها “تبدي تفهما للهدن الإنسانية المؤقتة”.
وترعى مصر وقطر، إلى جانب الولايات المتحدة، جهودا للتوصل إلى هدنة مؤقتة ثانية في غزة، حيث تم التوصل للهدنة الأولى في نوفمبر، وأسفرت عن إطلاق سراح 105 محتجزين لدى حماس بينهم 81 إسرائيليا، و23 مواطنا تايلانديا، وفلبيني واحد، و240 أسيرا فلسطينيا. وفي الضفة الغربية المحتلة، أعلن الجيش الإسرائيلي “تصفية” ثلاثة مهاجمين مساء الجمعة على أثر تسلّلهم إلى بلدة أدورا الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في بيان للجيش أن مهاجمين قاموا بـ”إطلاق النار نحو قوة عسكرية كانت تهم بدورية في البلدة” الواقعة قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967. وكانت سلطات البلدة نبّهت السكان بضرورة التحصّن في منازلهم بسبب “تسلّل إرهابي”، وتابع الجيش “تم رصد ثلاثة مخربين لتتم تصفيتهم من قبل قوات الأمن”.
وأعلن جهاز الإسعاف الإسرائيلي “نجمة داوود الحمراء” أن رجلا أصيب بالرصاص في ساقه وتم نقله إلى المستشفى، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وبحسب صور كاميرات المراقبة التي حصلت عليها قناة “كان” العامة الإسرائيلية، دخل هؤلاء الفلسطينيين الثلاثة إلى أدورا من خلال ثغرة في السياج المحيط بهذه البلدة الاستيطانية.
وفي واقعة منفصلة في شمال الضفة الغربية، قضى فلسطيني يبلغ 19 عاما متأثرا بجروحه بعد أن تعرض لضرب مبرح على يد القوات الإسرائيلية في بلدة زيتا الواقعة شمال مدينة طولكرم، وفق بيان لوزارة الصحة الفلسطينية أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”. وتشهد الضفة الغربية تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما أدى إلى مقتل واعتقال مئات الفلسطينيين في عمليات اقتحام للمدن والمخيمات.
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، قتل 340 فلسطينيا على الأقل بنيران الجيش أو المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية حسب أرقام وزارة الصحة. وفي العام 2023، قتل أكثر من 520 فلسطينيا في الضفة الغربية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
ووفق جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، قتل 43 إسرائيليا على الأقل في الدولة العبرية والضفة الغربية المحتلة في هجمات نفّذها فلسطينيون في عام 2023. ويقيم نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش أيضا نحو 500 ألف إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.