أبدى سياسيون جنوبيون قلقهم من تسلل عناصر الإخوان إلى المكون الحضرمي الجديد “مجلس حضرموت الوطني” وتحويله إلى واجهة جنوبية لمواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، ونقطة اجتذاب لكل أعداء الانتقالي وتشجيع قوى أخرى على إنشاء مجالس مشابهة في أبين وشبوة والمهرة، في ظل الصراع السياسي الصامت.
وأعلن في العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، عن تأسيس هذا المجلس بموجب وثيقة سياسية وحقوقية صادرة في ختام المشاروات الحضرمية التي استضافتها الحكومة السعودية في الفترة من 20 مايو حتى 19 يونيو، بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية في المحافظة.
وتكشف الوثيقة، التي تم إعلانها بحضور محافظ محافظة حضرموت مبخوت بن ماضي والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، عن الرؤية الحضرمية للعديد من التفاعلات التي يشهدها الملف اليمني، في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي والثقافي والتنموي.
وترى صحيفة العرب اللندنية، في سياق تقرير لها، أنه يمكن اعتبار تشكيل مجلس حضرموت الوطني بداية مرحلة جديدة في طبيعة الصراع السياسي الصامت الذي شهدته المحافظة الأكبر مساحة والأغنى موارد خلال الشهور الماضية والتي أنذرت بحدوث مواجهة عسكرية في وادي حضرموت بين القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المنطقة العسكرية الأولى التي تدين بالولاء لقيادات في حزب الإصلاح.
غير أنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن الوقت ما يزال مبكرا على الحكم على المجلس الحضرمي وعلاقته بالمجلس الانتقالي الجنوبي وقدرته على تمثيل مختلف القوى والمكونات الحضرمية الفاعلة، مع عدم مشاركة العديد من القوى الحضرمية المحسوبة على الانتقالي في مشاورات الرياض.
ويعتقد مراقبون أن المجلس قد يشكل تيارا ثالثا في الساحة الجنوبية بين حلفاء الانتقالي والمحسوبين على الإخوان، في ظل وجود رغبة لدى الكثير من القوى الحضرمية في تشكيل حالة حضرمية فريدة متحررة من الاصطفافات السياسية الحادة التي عرفها المشهد اليمني خلال سنوات الحرب.
ونقلت الصحيفة اللندنية عن مدير مركز سوث 24 للدراسات والأخبار في عدن يعقوب السفياني، أن هناك تحفظا واضحا لدى المجلس الانتقالي الجنوبي من “مجلس حضرموت الوطني” الذي أعلن عنه الثلاثاء في الرياض. وأضاف “يأتي هذا المكون السياسي في وقت يحاول فيه المجلس الانتقالي تعزيز حضوره داخل حضرموت الغنية بالنفط”.
وتابع السفياني “لم يسارع الانتقالي إلى تحديد موقف من هذا المكون الجديد لعدة أسباب أولها علاقة السعودية بإنشاء هذا المجلس، وهو أمر مشابه تماماً لقوات درع الوطن الجديدة التي لم يعلن المجلس الانتقالي الجنوبي موقفاً رسمياً منها على الرغم من أنها تشكل منافساً حقيقياً لقواته في الوقت الراهن، بالإضافة إلى ذلك أن القوى الحضرمية نفسها داخل المجلس الانتقالي الجنوبي تجمعها علاقات ببعض الشخصيات والأطراف التي شاركت ضمن الوفد الحضرمي بالسعودية وتشكل اليوم جزءا من مجلس حضرموت الوطني”.
ويعتقد السفياني أن “حضارم الانتقالي حريصون على مد جسور تواصل مع المكون الجديد خصوصاً أنه قام على قواعد عامة فضفاضة لا تتعارض بالضرورة مع المجلس الانتقالي الجنوبي وأهدافه”.
واعتبر عمر باجردانة رئيس مركز المعرفة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية – حضرموت، أن الإعلان عن المجلس الوطني الحضرمي يأتي كردة فعل على ما شهدته محافظة حضرموت مؤخرا من انعقاد الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي وتواجد قيادات الصف الأول من قيادات المجلس الانتقالي في حضرموت وما سبقه من لقاء تشاوري جنوبي جمع كل القوى الجنوبية والإعلان عن الميثاق الوطني الجنوبي.
ولفت باجردانة إلى أن هناك قوى فقدت مصالحها في خضم تطورات المشهد الجنوبي في الفترة الماضية ورأت أنها الخاسر الوحيد من خلال صعود مشروع المجلس الانتقالي ومشروع القضية الجنوبية، وبالتالي فقد ذهبت تتمترس حول حضرموت.
ولم يستبعد باجردانة أن يكون مجلس حضرموت الوطني إعادة تفعيل لبعض هذه القوى التي وجدت نفسها خارج المعادلة السياسية خلال المرحلة السابقة لنفاجأ اليوم بعودتها إلى السطح تحت مسمى مجلس حضرموت الوطني.
وحذر باجردانة من أنه إذا لم نرسم خارطة طريق وأهدافا محددة لهذا المجلس، وإن لم تكن هناك إعادة قراءة للمشهد في حضرموت من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي وإصلاح بعض الاختلالات داخله وتطوير آلياته وأساليبه السياسية في التعامل مع كافة القوى الجنوبية، فإن القوى التي تمت إعادة تفعيلها تحت عنوان مجلس حضرموت يمكن أن تعود إلى الحياة وتسيطر على المشهد في حضرموت وهو ما سيضعف المشروع الجنوبي ويجهض كل الإنجازات التي تحققت حتى هذه اللحظة.