✍ مقال لـ : د. حسين لقور بن عيدان
نبض الشــــــارع الشبواني – متابعة
الجمعة، الموافق 5 سبتمبر 2025
قرأت في عدد الثلاثاء الماضي من صحيفة “الأيام عدن” دعوة من أحد المنتديات الجنوبية لإعداد دستور جنوبي لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة، وأنني إذ أتفق مع الفكرة، لكن قبل ذلك علينا أن نضع الأمور في تراتبية منطقية تضمن السير على الطريق الصحيح، إذ أننا في حاجة أولًا لوضع القاعدة التي يمكن البناء عليها، ألا وهو الاتفاق على العقد الاجتماعي.
العقد الاجتماعي هو اتفاق جامع بين أبناء المجتمع (الجنوبي) على أسس العيش المشترك، يحدد الحقوق والواجبات، وشروط المواطنة، وطبيعة العلاقة بين المواطن والدولة. وهو بمثابة الأرضية الأخلاقية والقيمية التي يقوم عليها أي نظام سياسي. أما الدستور، فهو الوثيقة القانونية العليا التي تنظم مؤسسات الدولة وتحدد صلاحياتها وسلطاتها وعلاقتها بالمجتمع، ويستمد قوته وشرعيته من ذلك العقد الاجتماعي الذي يسبقه. لذلك، يصبح الدستور هشًّا إذا لم يقم على توافق وطني عريض، ويتحول إلى نص قابل للاختلاف والصراع.
اليوم يقف الجنوب العربي عند لحظة مفصلية معقدة لارتباط الصراع مع اليمن متعدد الأطراف ومتداخل مع صراعات إقليمية، لذلك تتزاحم التحديات والطموحات في مسيرة شعبنا نحو الاستقلال وبناء دولة مدنية حديثة. والتجارب التاريخية أكدت أن البدء بكتابة الدساتير دون تأسيس عقد اجتماعي واضح يؤدي إلى انقسامات حادة وفشل في إدارة الدولة. أما حين يُبنى العقد الاجتماعي أولًا من خلال حوار وطني شامل وصريح يشارك فيه الجميع، فإن الدستور يصبح تتويجاً لذلك التوافق، وتجسيدًا فعليًّا لإرادة المجتمع.
إن العقد الاجتماعي الجنوبي المنشود يجب أن يرتكز على مبادئ جوهرية، أبرزها سيادة الشعب واحترام الهوية الجنوبية التاريخية والثقافية والاجتماعية، وضمان المساواة الكاملة بين جميع المواطنين بلا استثناء، والتمثيل العادل للمناطق والمكونات، وفصل السلطات واستقلال القضاء، إضافة إلى صون الحقوق والحريات العامة، وتعزيز قيم العدالة الاجتماعية والمساءلة والشفافية. كما ينبغي أن يكون عقدًا مرنًا قابلًا للمراجعة والتطوير كلما تطلبت الظروف، حتى يبقى إطاراً حياً يواكب التحولات.
بهذا الترتيب يأتي الدستور حصيلة طبيعية للتوافق الوطني، لا مجرد نص قانوني تفرضه لحظة سياسية عابرة. فهو حينها ينظم مؤسسات الدولة ويضمن استقرارها، ويحمي العقد الاجتماعي نفسه من الانهيار. أما إذا غاب التوافق، فإن الدستور لن يكون سوى سبب جديد للأزمات والانقسامات.
إن وضع السؤال، عقد اجتماعي أم دستور جنوبي أولًا؟ ليس ترفًا فكريًّا، بل هو مفتاح لصياغة مستقبل الجنوب. فبإرادة واعية تتفق على جوهر الدولة قبل شكلها، وبحوار وطني صادق يشارك فيه الجميع، يمكن للجنوبيين أن يؤسسوا لدولة مستقلة، عادلة، وقادرة على مواجهة تحديات العصر وصون تطلعات أبنائها في الحرية والكرامة والعدالة.
——————————————————
للانضمام لمجموعة نبض الشارع الشبواني على الواتس آب أضغط هنا👇
مجموعة نبض الشارع الشبواني على الـ Whatsapp
——————————————————
– لمتابعة صفحة نبض الشارع الشبواني على منصة X “تويتر سابقاً” أضغط هنا👇
صفحة نبض الشارع الشبواني على الــ X-Twitter
——————————————————
لمتابعة صفحة نبض الشارع الشبواني على الفيس بوك أضغط هنا👇
صفحة نبض الشارع الشبواني على الــ Facebook
——————————————————
«صفحة إخبارية تنشر الحقيقة كما هي، بمهنية إعلامية وطرح إخباري هادف»